مقالات
الشراكة والمشاركة
الشراكة
هي اتفاق بين عدد من الأطراف لتحقيق هدف أو أهداف مشتركة بواسطة إنجاز عدد
من الأعمال المشتركة مع الأخذ بعين الاعتبار المصالح الخاصة لكل شريك.
وهذا العمل الجماعي المشترك يتم على أساس تعاقد بين الأطراف المشاركة وإن
اختلفت دوافعهم ومصالحهم، بمعنى آخر:
التعاون
مع أطراف أخرى لتحقيق هدف أو أهداف لا نستطيع تحقيقها بمفردنا مطلقا أو لا
نستطيع الوصول إلى النتائج المرجوة منها بالعمل المنفرد.
مفهوم الشراكة السياسية
إن
مفهوم الشراكة يقوم على العلاقة بين مركز السلطة القائم والقوى المعارضة
سواء سلميا أو عسكريا بحيث تقوم العلاقة على مبدأ تخصيص أي تقسيم السلطة
إلى حصص متساوية بين طرفين أو أكثر، وهو التوزيع المتساوي للسلطة إلا إنه
في الواقع العملي لا وجود لهذا التقسيم المثالي القائم على مبدأ المساواة
المطلقة لأنه في كثير من الأحيان يوجد طرف يأخذ أكثر أو أقل من الطرف الآخر
لأن علاقات السلطة لا تقوم على التساوي المطلق، وهي في جوهرها علاقة غير
متساوية فكل طرف يأخذ ما يتناسب معه .
وعلى
أية حال فإن الشراكة السياسية كمفهوم تبتعد عن التوزيع المتساوي أو شبه
المتساوي للسلطة إلى التوزيع المتناسب للسلطة وبهذا المفهوم الواسع للسلطة
الذي تجاوز "المشاركة في الجهاز التنفيذي أو حصة في ثروات البلد" فإن
التقسيم التناسبي بين عدة أطراف أفضل من التقسيم المتساوي بين طرفين وحتى
وان ادعى هذان الطرفان تمثيلهما لبقية الأطراف الأخرى وان دعا ذلك إلى
ضرورة حصر التفاوض بين الطرفين الأقوى تنظيماً.
وليس
المقصود بالتقسيم التناسبي أو بالشراكة هنا هو فقط الوصول إلى السلطة
التنفيذية أو الحصول على منافع محسوبه لطرف ما، بقدر ماهو مقصود من مفهوم
الشراكة حق الجميع في صنع القرار بالمعني الأشمل بحيث يكون للمشارك صوت
مسموع في الشأن العام لا في السلطة التنفيذية حصرا، حيث يشكل ذلك ركيزة
للعمل الديمقراطي إذ يستطيع الفرد أو الجماعة المشاركة حتى من موقع
المعارضة، وهنا يبرز مبدأ "الشراكة والمشاركة" كبديل لمبدأ سيطرة وحكم
"الأغلبية" ليشكل مبدأ وأساساً أكثر تجسيداً لحق الإنسان في المشاركة في
الحكم وفي صنع القرار، وهو أكثر تعبيراً للديمقراطية المتقدمة التي تحتاج
لها البشرية اليوم وهو الأكثر استيعاب للواقع المعاش وبالذات واقعنا العربي
والفلسطيني.
خصوصاً
وأن واقعنا الفلسطيني الذي تعددت فيه الاتجاهات الحزبية والتنظيمة
بمعتقداتها الفكرية والأيديولوجية ورؤاها السياسية المختلفة ، ورغم
انشغالها جميعاً بالهم الوطني العام على مدار تاريخ القضية الفلسطينية،
وقدم كل تنظيم أقصى ما يمكنه من تضحيات وشهداء ومعتقلين من أجل القضية
الوطنية. إلا أن واقعنا تميز بغياب مفهوم الشراكة السياسية الحقيقية فيما
بين أحزابه وتنظيماته على مختلف مشاربها، وساد مفهوم الأم الكبيرة والتي
تحتضن أبنائها من التنظيمات الأخرى، وتجود عليهم بما يتبقى من فتات. بمعنى
أخر ساد مفهوم الهيمنه التنظيمية والسياسية، التي أفرزت انقسامات وصدامات
وصراعات لها أول وليس لها أخر تسببت بفقدان ثقه نسبة كبيرة من شعبنا في
قدرة هذه الأحزاب والتنظيمات عن تحقيق ما تطرحه من شعارات كبيرة وطموحة .
وجاء الانقسام بكل تداعياته ليعزز هذا الإحساس والشعور لدى المواطن، بل
ويعمق فقدان الثقه لديه بما إذا كانت هذه الأحزاب والتنظيمات أن تحقق ما
يطمح له المواطن الفلسطيني . فهل ما كان سائداً في الماضي يمكن أن يستمر في
الحاضر والمستقبل؟، وهل يتلائم ذلك مع المتغيرات الكبرى التي حصلت على
واقعنا الفلسطيني ومحيطنا العربي والدولي؟، وهل يخدم هذا النمط من العلاقة
قضية شعبنا ونضاله من أجل تقرير مصيرة وتحقيق أهدافه المنشودة في الحرية
والاستقلال وإقامة دولته المستقلة وعودة لاجئيه ؟. ألا يشكل اللجؤ إلى
مفهوم الشراكة السياسية الحقيقية وتطبيقه على العلاقات مابين الأحزاب
والتنظيمات الفلسطينية مخرجاً حقيقياً لما تعانيه أحزابنا وتنظيماتنا من
أزمة ثقه فيما بينها وينهي حالة الصراع المدمر الذي لا يعود على قضيتنا
بالخير، ولا يؤسس لحياة ديمقراطية حقيقية تصان فيها الحقوق والواجبات لكل
مكونات شعبنا.