جاري تحميل ... مدونة عطا ابو رزق

إعلان الرئيسية

أخر الموضوعات

إعلان في أعلي التدوينة

عطا أبو رزق
23/1/2008

لقد فتشت وبحثت كثيراً في قاموس المفردات كي أصف مؤتمر المؤتمرين في دمشق، المنعقد تحت شعار " التمسك بالحقوق الوطنية
... " فلم أجد أنسب من أن يسمى "مؤتمر المسخرة "، وقد يسأل سائل ما، ولماذا هذه التسمية بالتحديد ؟ فأقول أنه عندما تقلب الحقائق ويدعي منظموا هذا المؤتمر بأنه لم ياتي على قاعدة تكريس الأنقسام،  بل جاء على أرضية التمسك بالحقوق الوطنية، وتعزيزاً للوحدة، في الوقت الذي لم يحضر هذا المؤتمر سوى ثمان تنظيمات من 17 تنظيماً وجهت لهم الدعوات حسب قولهم، وهذه الفصائل التي حضرت معروف ولائها وهو لغير فلسطين أو لمنظمة التحرير، وغالبيتها منشق عن تنظيماتها الأصلية ولا تمثل إلا شخوصها ليس أكثر، وعليه أعتقد بأنه لا يستحق إلا أن يقال عنة مؤتمر مسخرة.

 وعندما يعلن أحد الخطباء فيه ويقول بأعلى الصوت وعلى مسمع الحاضرين، والدنيا بأسرها بأن ليس لديه أو لدى حركته المجاهدة أي مشروع لدولة فلسطينية، وأن أولوياتهم كحركة هي تحرير الأرض أولاً،  ومن ثم على الشعب أن يقرر هل يقيم دولة، أو أن يستمر في التحرير لكل أراضي المسلمين للوصول إلى تحطيم أتفاقية سايكس بيكو. ويعتبر هذا الخطيب الهمام بأن مشروع المرحلية الذي أعلن عام 1974 قد شطب قضية الأجئين وحق العودة، وأن أوسلوا شطب 80% من الأرض الفلسطينية التي يعتبرها أرض وقف إسلامية لايجوز لأحد أن يفرط بها أو يساوم عليها، وهنا أود أن أوجه سؤالاً لهذا القائد الفذ ماذا يضير المسلم أن يسكن في القدس أو أن يسكن في مكة أو طهران أو كابول أو دمشق مادامت ديار المسلمين حق لجميع المسلمين ؟ وما أهمية حق العودة للأجئين إلى ديارهم التي هجروا منها بالنسبة له مادام لا يحمل مشروعاً لإقامة الدولة الفلسطينية، ويسعى لأن يحرر كل أرض المسلمين، أليس هذا وهم وخيال ودرب من المستحيل في ظل الظروف وموازين القوى الحالية ؟. ويكمل مهاترته بأن قصر الرئاسة في رام الله يُشرع الإحتلال، ويوفر له أجواء مريحة، وبناءً عليه يطالب هذا القائد الهمام الذي ليس لديه مشروع للدولة، أن يُعاد النظر في مشروع السلطة الفلسطينية والأتفاق الذي أتى بها على أعتبار أنها أراحت الاحتلال من عبئ إحتلاله لنا . ولم يعتبر الإنقسام الذي أصاب الجسد الفلسطيني نتيجة الإنقلاب الدموي الذي قامت به حماس الحركة الشقيقة لحركته،  بأنه قدم خدمة جليلة للإحتلال بإحداث فصل عضوي لجناحي الوطن طالما حلم به الأحتلال وتمناه وعمل من اجله، ولم يكن غريباً عليه قلب الحقائق عندما أتهم الرئيس عباس وسلطته بعدم رغبتهم وجديتهم وتفويتهم للفرص لإنهاء حالة الإنقسام لأن أسيادهم في واشنطن وتل أبيب لم يأمرهم بعد بذلك، وطالب خَجِلاً أشقائة في حماس بالعمل على إنهاء حالة الإنقسام. ألا يستحق هذا بأن يقال فيه بأنه مسخرة .
ودخيل جديد على عالم السياسة، تخيل نفسه بأنه أصبح زعيماً شعبياً مثل الزعيم الخالد جمال عبد الناصر- رحمه الله- أو حسن نصر الله بحكمته ونفاذ بصيرته، عندما يقف على منصة الخطابة تتحلق الناس حول الراديو أو تتسمر أمام شاشات التلفاز كي تسمع إعلانه بتأميم معبر رفح، أسوة بتأميم قناة السويس الذي أعلنة الرئيس الراحل عبد الناصر، وأي تأميم يقصد ؟ من أيدى الاحتلال الذي لم يعد موجوداً بشكل فعلي على هذا المعبر، بل تحكمة اتفاقيات ما بين السلطة ودولة الإحتلال ومصر والاتحاد الأوربي، أم من أيدي الرئيس عباس الذي أعلن بأن لديه ولدى حكومته استعداد وجاهزية لإستلام المعابر كافة، والتي لاقت هذه المبادرة ترحيباً أمريكياً وعربياً ودولياً بذلك بإستثناء إسرائيل وحماس. أما عن تفجير الجدار على الحدود المصرية الفلسطينية يتنصل هذا المستجد على عالم السياسة هو وحركته من المسؤلية عن هذا الفعل، ويدعي بأن هذا العمل كان بقرار جماهيري، ( فليحيا قرار الجماهير ) ونسي أو تناسى بأنه قبل ساعات فقط من تفجير الحدود كانت نسائهم التي حملوهن بواسطة الباصات يشتبكن مع الأمن المصرى على المعبر مهددات بفتحة بالقوة وبالتفجير، في الوقت الذي لم يتحركوا باتجاه معبر بيت حانون مقابل أبناء شعبنا من داخل الخط الأخضر الذين حضروا للتظاهر على الجانب الأخر من المعبر متضامنين مع سكان غزة ضد الحصار، أهذا يعني بأن هذا المستجد وحركته بعد أن أختطفوا قطاع غزة من الوطن الكبير فلسطين الذين يتغنون بها ليل نهار، لم يعودوا بحاجة للتواصل مع باقي أجزاء هذا الوطن فلسطين، وسيبقى تحرير كل الأرض من النهر إلى البحر شعاراً مرفوعاً إلى الأبد لأنهم أيضاً كمن سبق الحديث عنهم لا يحملون مشروعاً للدولة الفلسطينية، وأما عن القدس فلم تعد تعنى لهم شيئاً، فهم قد يبنون لهم قدساً جديدة في قم أو طهران أو دمشق. والجدار الذي يلتهم أراضي الضفة ليس لهم به علاقة، وهو ليس مشكلتهم بل هي مشكلة سكان ذلك الجزء من الوطن الذي لم يعد يعني لهم شيئا ً، وليس أدل على ذلك أننا لم نراهم يجندون القوافل المحمولة أو الراجلة للإحتجاج على ذاك الجدار، ولم نراهم يوجهون خبراء التفجيرات لديهم كي يفتحوا ثغرة فيه حتى يتمكن أبناء شعبنا من الوصول إلى أراضيهم خلفه. أما عن الجدار الذي بناه صاحبنا وحركته بين أبناء الشعب الواحد أعتى من أن يخترق أو يهدم ، لأنه بني بإرادة ليست فلسطينية بل بإرادة إقليمية .
والنجم الثالث في مؤتمر المسخرة ذاك الممثل للدولة المضيفة لهذا المؤتمر الذي يتسائل عن "جدوى المفاوضات ( التي تجريها السلطة ) مع الكيان الغاصب"، فطالما أن المفاوضات عبثية ولا طائل منها لماذا تذهب دولته لمؤتمر أنا بولس ؟ ومن قبله مؤتمر مدريد، ومفاوضات واشنطن، ولماذا تبحث عن طرق ووسائل لإستئناف المفاوضات مع إسرائيل من حيث أنتهت في حياة رابين وباراك ؟ ولا نراكم تُجيشون الجيوش لتحرير الجولان من الإحتلال ، أم أن عبثية المفاوضات تنطبق فقط على الفلسطينين ويجب وقفها ؟ أما أنتم فلا .
والنجوم الأخرى في هذا الحفل كثيرة ولكنها أقل أهمية رغم أنهم جميعاً طبلوا وزمروا، وأكالوا القدح والذم على عباس وسلطته، ولم ينل من اختطف جزء من الوطن وسهل على الإحتلال مهمته في ذبح قضيتنا الوطنية وإنهائها سوى المديح والدعم والمساندة له ولمن ساندة، وليس غريباً حين تلتقي أهدافهم جميعاً برفض مشروع الدولة . رغم أن مؤتمرهم جاء تحت شعار التمسك بالحقوق الوطنية وتعزيزاً للوحدة الوطنية، فأي حقوق وأي وحدة هذه التي لم نراها في خطاباتهم، ألا يستحق بعد كل هذا أن يطلق على هكذا مؤتمر بأنه مؤتمر مسخرة وليس مؤتمر للوحدة كما أطلقوا عليه .
***
كتبت هذه المقالة رداً على مؤتمر عقد في دمشق تحت عنوان " التمسك بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني" بتاريخ 23/1/2008، وكان نجوم هذا المؤتمر الرئيسين هما حماس والجهاد الاسلامي والشعبية القيادة العامة (احمد جبريل)، والصاعقة، وفتح المنشقين ... الخ.
صادف يوم عقد هذا المؤتمر فتح الجدار بين رفح الفلسطينية والمصرية وتدفقت أعداد هائلة من المواطنين الفلسطينين باتجاه مصر والعريش.
كنت أنا والرفيق أبو نصار قد دخلنا لرفح المصريه مشياً على الأقدام وعدنا بنفس الطريقة بعد أن أوقفت سيارتي في مكان قريب من الحدود وبالتحديد منطقة  "يبنى" وعندما ركبنا السيارة للعودة إلى خان يونس فتحت الراديو على إذاعة القدس التابعة للجهاد الاسلامي واستمعت لخطب المؤتمرين، وبمجرد وصولي إلى البيت شرعت في كتابة هذا المقال والذي عرضته على الرفاق أبو النصر وأبو نصار وصبحي حمدان وأعجبهم قبل أن ينشر في المواقع الألكترونية.
الوسوم:
التالي
رسالة أحدث
السابق
هذا هو أقدم مقال
يتم التشغيل بواسطة Blogger.

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *