جاري تحميل ... مدونة عطا ابو رزق

إعلان الرئيسية

أخر الموضوعات

إعلان في أعلي التدوينة

أبحاث

حقائق التاريخ وتحليل الحمض النووي تثبت أن اليهود شعب تم اختراعه




بقلم: د. إبراهيم فؤاد عباس


مع بداية العد التنازلي لمعركة الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي ستجري في نوفمبر المقبل، تبدأ المناظرات
التليفزيونية والتصريحات النارية والمزايدات بين المرشحين على خطب ود إسرائيل واللوبي اليهودي في الولايات المتحدة تأكيدًا للحقيقة بأن الطريق إلى البيت الأبيض يمر عبر أصوات اليهود، وقد بادر نيوت جينجريش رئيس مجلس النواب السابق الذي يخوض سباق الترشح عن الحزب الجمهوري بالتصريح لإحدى القنوات الفضائية الأمريكية بأن الفلسطينيين شعب تم اختراعه، وانه يتكون من مجموعات من العرب الذين لم يشاءوا الإقامة في مناطق أخرى إبان عهد الإمبراطورية العثمانية. واعتبر جينجريش، أن رؤيته للعالم "قريبة جدا" من رؤية صديقه رئيس الوزراء الإسرائيلي اليميني بنيامين نتانياهو.

 هذه التصريحات التي فهمت من قبل كافة المراقبين على أنها تدخل في إطار المنافسة على كرسي الرئاسة الأمريكية شكلت الدافع الأساس لإعداد هذا الملف الذي نسلط فيه الضوء على شهادة التاريخ والآثار والمؤرخين والتوراة نفسها على الوجود التاريخي والحضاري للشعب الفلسطيني منذ آلاف السنين، وإثبات أن اليهود – وليس الفلسطينيين – هو الشعب الذي تم اختراعه، وفقًا للبحوث العلمية، وشهادة أحد المؤرخين الإسرائيليين أنفسهم ووفقًا لمقولة (وشهد شاهد من أهلها). كما نسلط الضوء على نيوت جينجريش نفسه الذي حاول من خلال تصريحاته تلك إثبات أنه أكثر إسرائيلية من الإسرائيليين.

هذا النوع من التصريحات لمرشحي الانتخابات الرئاسية التي نتوقع أن يصدر العديد منها على مدى عام كامل تبدو بمثابة ورقة للمرشح لا بد أن تصادق عليها إسرائيل وجماعات اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة قبل الدخول في السباق، وليس مهما مدى مصداقية ما تتضمنه من حقائق التاريخ كما في تصريحات جينجريش الذي عمل أستاذًا في التاريخ في وست جورجيا كوليج في السبعينيات.

السؤال الوحيد الذي فرض نفسه أمام جينجريش بعد إصداره تلك التصريحات ولا يعرف كيف يجيب عليه حتى الآن: عندما يتحدث قادة الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل عن حل الدولتين منذ التسعينيات فهل يتحدثون عن دولة مجهولة وشعب مجهول الهوية؟ (الملف) سيجيب عن السؤال الذي لا يزال جينجريش يتهرب من الإجابة عليه..!!

جهل أستاذ التاريخ ..
عكست تصريحات جينجريش حول الفلسطينيين جهله الشديد بتاريخ المنطقة القديم والحديث معًا، رغم شهادة الدكتوراة التي يحملها في التاريخ . فالشعب الفلسطيني طبقًا لشهادة العديد من مؤرخي الغرب، والمؤرخين والباحثين اليهود أنفسهم متجذر في أرض وطنه منذ آلاف السنين. فقد ثبت أهالي فلسطين القدماء على أرضهم، ولم يتأثروا بالغزاة من روم وفرس ويهود وإغريق وبطالسة وغيرهم، بل العكس هو الصحيح، فقد أخذت تلك الشعوب أبجديتها من الأبجدية الكنعانية. وأثبتت الأثُار المكتشفة في الكرمل وبيان وأم قطفة والزطية وأريحا أن الفلسطينيين القدماء موجودين في فلسطين منذ 10 آلاف سنة. وتعتبر أريحا – كما هو معروف- أقدم مدينة مأهولة في العالم، وبرهنت الحفريات التي أجريت فيها على أن نشوء الزراعة، وتدجين الحيوانات، والاستقرار، ظهرت فيها جميعًا قبل العراق بألف عام. كما أثبت علماء الآثار أن تحصينات أريحا وأسوارها بنيت في بداية العصر الحجري الحديث قبل الفخاري، خلال ما عرف في ذلك الوقت بالحضارة النطوفية. وتثبت المقبرة المعروضة في المتحف البريطاني في صالة فلسطين القديمة ويعود تاريخها إلى أكثر من 7000 عام أن الفلسطينيين القدماء كانوا يتناولون طعامهم على موائد مميزة (بثلاثة أرجل)، وأنهم يؤمنون بالبعث. وعرفت فلسطين بأرض كنعان كما نصت عليها تقارير قائد عسكري عند ملك ماري، وردت بوضوح في مسلة إدريمي ملك الآلاخ (تل عطاشة). ويتفق المؤرخون وعلماء الآثار بريستيد وجو فريزر وديفو وأولبرايت ود. كاثلين كينيون، وغيرهم، على أن سكان فلسطين القدامى هم من العرب الكنعانيين الساميين الذين سكنوا فلسطين قبل أكثر من 3000 عام. وأول إشارة إلى فلسطين هي (بلاستو)، وقد أطلقها الملك الأشوري (أدادنيراري الرابع)، حين أشار به إلى ساحل فلستيا، أي ساحل الشام الجنوبي الذي كان يقطنه الفلسطينيون. وأول مرة أطلق فيها اسم فلسطين صريحًا بهذا اللفظ حدث حين صك الامبراطور الروماني "فاسبيان" هذا الاسم على نقوده التي أصدرها عقب قهره الثورة اليهودية عام 70م. والتوراة نفسها تؤكد في عدة مواضع أن الكنعانيين (أجداد الفلسطينيين) كانوا موجودين على الأرض قبل ظهور اليهودية بآلاف السنين، فقد ذكر الإصحاح الثاني عشر من سفر التكوين أن سيدنا إبراهيم عليه السلام نزل أرض كتعان (فلسطين) من حاران عند شكيم (الاسم الكنعاني العربي لنابلس) في مكان بلوطة مورة، والكنعانيون حينئذ في الأرض. ويذكر أن المؤرخ اليوناني القديم هيرودس أشار إلى فلسطين قبل الميلاد بخمسة قرون على أنها جزء من بلاد الشام.

حتى "بلفور" يعترف بالشعب الفلسطيني..
وقد ظلت فلسطين تعرف باسمها هذا حتى نهاية الحرب العالمية الاولى(1918)، عندما خضعت للانتداب البريطاني بموجب معاهدة "سايكس بيكو" التي قسمت بلاد الشام بينهما إلى سوريا ولبنان (لفرنسا) وفلسطين وشرق الأردن (لبريطانيا)، وقد تعمدت بريطانيا أن تكون هي الدولة المنتدبة على فلسطين لتنفيذ وعد بلفور الذي ضمنته في صك الانتداب. لكن حتى هذا الوعد، ورغم ما انطوى عليه من ظلم وإجحاف على الفلسطينيين، إلا أنه يعترف بهم كشعب، فعندما تحدث الوعد عن وطن قومي لليهود في فلسطين كان يتحدث عن جزء من فلسطين لليهود. وقد جاء الجزء الأخير من نص الوعد مؤكدًا لهذه الحقيقة عندما أكد على حرصه على عدم المساس بحقوق شعب فلسطين من مسلمين ومسيحيين: "على أن يفهم جليًا أنه لن يؤتي – أي الوعد- بأي عمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلدان الأخرى"، وهو ما يعني أنه عند تنفيذ الوعد، فإن الحقوق السياسية والمدنية والدينية التي يتمتع بها اليهود في بلدانهم الأصلية، والحقوق المدنية والدينية والسياسية للشعب الفلسطيني الذي سماه الوعد آنذاك بالطوائف غير الدينية المقيمة في فلسطين لا ينتقص منها بسبب تطبيق الوعد على الأرض الفلسطينية، كما أن الوعد لم يذكر نصًا الحقوق السياسية لأهل البلاد من مسلمين ومسيحيين لأنهم يملكون هذه الحقوق من الأصل بحكم كونهم أصحاب الأرض منذ آلاف السنين. كما ينبغي ملاحظة أن الوعد لم يتحدث عن إسرائيل، وإنما تحدث عن فلسطين، بما يؤكد أن فلسطين هي الحقيقة التاريخية، وليست إسرائيل. كما أن الوعد لم يتحدث عن فلسطين كوطن قومي لليهود، بل قال "وطن قومي لليهود في فلسطين"، أي فيها (بعضها)، وليس عليها (كلها)، والفرق كبير بين الكلمتين.

وحتى العام 1948 ظل الشعب الفلسطيني يشكل الغالبية العظمى من سكان فلسطين. فقد كان إجمالي السكان في فلسطين عام 1893 نحو 530 ألف نسمة منهم 19 ألف يهودي (3,9 %) (جستن مكارثي، سكان فلسطين، إحصاءات وتاريخ السكان في نهاية العهد العثماني والانتداب البريطاني، مطبعة جامعة كولومبيا، 1990، ص11).

وذكرت موسوعة لاروس الفرنسية أيضًا أن عدد الفلسطينيين في مايو 1948 قبل الإعلان عن دولة إسرائيل كان 1,415,000 مقابل 65,000 يهودي.

الحقيقة الوحيدة التي ينبغي على جينجريش الاعتراف بها -في ضوء ما سبق - دون أي شائبة هي أن فلسطين والشعب الفلسطيني موجودان في قلب التاريخ ووسط جغرافيته قبل أن توجد الولايات المتحدة وإسرائيل بحقبة طويلة.

المؤرخ الإسرائيلي شلومو ساند: الشعب الإسرائيلي شعب تم اختراعه
استحق كتابه "اختراع الشعب اليهودي" الذي صدر عام 2009 جائزة اليوم "Prix Aujourd'hui" الفرنسية التي جعلت من هذا الكاتب نجمًا لا يقل شهرة عن نجوم التليفزيون والسينما. وقد صور ساند في كتابه كيف قادت الأيدلوجية الصهيونية مشروع النزعة القومية اليهودية من خلال تحويل اليهودية إلى شيء شبيه بالقومية الألمانية نافيًا وجود شعب يهودي ومعتبرا أن ذلك لا يعدو كونه "أسطورة" قامت عليها دولة إسرائيل.

وأكد ساند أن تدمير الرومان للهيكل الثاني عام 70 م لم يؤد – خلافًا لما يذهب إليه البعض- إلى نفي الرومان لهم، فالرومان لم يثبت عنهم نفيهم لشعوب بأكملها، إلى جانب أن اليهود كانوا موجودين في ذلك الوقت في مجتمعات أخرى في فارس ومصر وآسيا الصغرى وأماكن أخرى بأعداد وصلت إلى أربعة ملايين نسمة، وهو ما يعني بطلان مقولة إن فلسطين هي وطن الأجداد تمامًا مثل بطلان المبالغة حول مملكتي داود وسليمان الأسطوريتين.

وأهمية الكتاب تكمن في تأكيده على ما سبق وأكده أرثر كوستلر في كتابه "القبيلة الثالثة عشرة: إمبراطورية الخزر وميراثها" التي نفى فيه أن يكون يهود اليوم هم أنفسهم اليهود الذين كانوا موجودين زمن السيد المسيح عليه السلام قبل نحو ألفي عام. وقد خاطب ساند الأمريكيين ذات يوم في محاضرة له في نيويورك بقوله: أتطلع إلى اليوم الذي يمكن فيه وضع حد للوبي إسرائيل في الولايات المتحدة وإنهاء أسطورة الإقصاء اليهودية، وأن مصير إسرائيل ومصير الشرق الأوسط "يتوقف عليكم أنتم أيها الأمريكيون.. وقد حان الوقت كي تنقذونا من أنفسنا". وعندما سأله أحد الحضور: هل تخشى على حياتك؟ أجاب: أخشى على حياتي عندما أكون في نيويورك وليس في تل أبيب"..!

نحن فلسطينيون..
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالاً يوم 14/11/2011 في صفحة الرأي للكاتب والصحافي الفلسطيني المولود والمقيم في القدس داود كتاب بعنوان "نحن فلسطينيون" رداً على تصريحات نيوت جينجريش التي ادعى فيها أن الفلسطينيين ليسوا شعبًا. وذكر كتاب في مقاله أنه عندما ولد والده عام 1922، كان العالم يضج بمبدأ حق تقرير المصير الذي نادى به الرئيس ودرو ويلسون. وحاول الفلسطينيون العرب نيل الاستقلال بعد انتهاء الانتداب البريطاني، لكن البريطانيين تعهدوا لليهود والعرب في وقت واحد بأن تكون فلسطين لهم وكان لدى والده جواز سفر صادر عن حكومة فلسطين، "وكان يرينا في أحيان كثيرة العملات المعدنية الفلسطينية التي كانت مستخدمة قبل حرب العام 1948".

ومع توحيد الفلسطينيين تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية والاعتراف العربي والدولي بالمنظمة، بدأ السؤال يظهر حول الهوية الفلسطينية والقومية الفلسطينية. وفي العام 1969، مثلا، أعلنت رئيسة وزراء إسرائيل وقتها، غولدا مائير، أنه "لا وجود لشيء اسمه فلسطينيون". وبعد ما يقارب 25 عامًا، تحديدًا في العام 1993، تصافح رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين مع رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات في حديقة البيت الأبيض وتبادلا رسائل الاعتراف في وجود الرئيس الأمريكي حينذاك بيل كلينتون والقادة الأمريكيون البارزون يهودًا وغير يهود وأعضاء الكونجرس بمن فيهم جينجريش نفسه الذي صافح عرفات، لكنه الآن يعتبر – بعد أن أصبح بين مرشحي الحزب الجمهوري للرئاسة- أن الشعب الفلسطيني شعب مختلق لأنه لم يكن هناك بلد اسمه فلسطين على حد وصفه، وهو ما يعني أن الدول الـ 107 التي اعترفت بفلسطين كدولة كاملة العضوية في الـ"يونيسكو" مؤخرًا تخالف هذا المنطق. ويستطرد كتاب بالقول إن جينجريش لا يتحدث عما سيحدث لهذا "الشعب المخترّع" إذا أصبح رئيسا، مضيفًا أن الشعب نفسه هو أفضل إثبات لتعريف ماهية الشعب، ويقترح على جينجريش بهذا الصدد الرجوع إلى كتاب المؤرخ رشيد الخالدي "الهوية الفلسطينية: بناء الوعي الوطني المعاصر" الذي يقول فيه إن الصراع العنيف بين الفلسطينيين والإسرائيليين هو أحد الأسباب التي تجعل الهوية الفلسطينية تُفهم بشكل غير كاف. حيث يعيد الخالدي بدايات الوطنية الفلسطينية إلى العهد العثماني المتأخر. ويضيف: "عندها كان لهم عدة ولاءات للدين والدولة العثمانية واللغة العربية والهوية العربية الناشئة، بالإضافة إلى وطنهم والروابط العائلية والمحلية".

ويصل كتاب إلى القول في نهاية مقاله إلى أن محاولة جينجريش لإنكار وجود هوية للفلسطينيين ليست لها علاقة بالتاريخ "انها ببساطة نوع من السمسرة السياسية"، وأن غالبية الإسرائيليين والفلسطينيين يفهمون أن عليهم تقاسم الأرض الواقعة بين البحر المتوسط ونهر الأردن، وآخر شيء نحتاجه – نحن الفلسطينيين- من السياسيين الأميركيين هو استغلال حياتنا ومستقبلنا كلعبة كرة قدم سياسية.

شهادة أمريكية: "الفلسطينيون شعب"..
كتاب "الفلسطينيون شعب" لمؤلفته الأمريكية فيدا هارت الصادر عام 1985 يعتبر بمثابة وثيقة تثبت أن فلسطين وشعبها حقيقة تاريخية وجغرافية وحضارية غير قابلة للجدل أو التشكيك. فقد استعرضت الكاتبة في هذا الكتاب مراحل التاريخ الفلسطيني، وتحدثت في أحد أجزائه عن الهوية الفلسطينية وقالت بهذا الصدد، إن الفلسطينيين ينتمون إلى الجنس السامي، وأن العبرانيين عندما دخلوا فلسطين كان يوجد بها الفلسطينيون والكنعانيون، وحتى عندما أنشأ داود وسليمان – عليهما السلام – المملكة الموحدة، ظل أهل البلاد الأصليين (الفلسطينيون) في موطنهم. وعندما حدث السبي البابلي، ظلت هناك مملكة صغيرة، وقد دالت هي الأخرى، ولكن خلال تلك الفترة ظلت الأرض مأهولة بفلاحيها وقرويها وتجارها من أبناء البلاد الأصليين. وفي الفترة الفارسية، عاد اليهود لينشئوا (يهودا) وليبنوا الهيكل للمرة الثانية، وبعد ذلك جاء اليونان، وبعدهم الروم الذين سمحوا بمملكة يهودية تابعة لهم. وفي عام 70م طرد الروم اليهود من القدس ودمر الهيكل الثاني عن بكرة أبيه (عام 130م) على يد أدريانوس.

وتستطرد أنه في المراحل الأولى من انتشار الإسلام اعتنق معظم سكان فلسطين الإسلام. وخلال حكم الأتراك الطويل ظل عدد السكان اليهود في فلسطين محدودًا، لكن بعد الحرب العالمية الأولى بدأ اليهود يتدفقون على فلسطين بأعداد كبيرة تنفيذًا لوعد بلفور، بما أعطى للفلسطينيين إنذارًا، فقاموا عام 1919 بثورة عارمة تعبيرًا عن غضبهم من ذلك الوضع، لكن الهجرة اليهودية استمرت، واستمرت معها ثورات الشعب الفلسطيني.

وتتابع هارت في سرد مآسي الشعب الفلسطيني مشيدة بشجاعته وصموده، منددة بالظلم والغبن الذي تعرض له على مر عشرات السنين، مؤكدة على أن شعبًا بهذه المواصفات، وبهذا الإصرار والتمسك بحقوقه لا يمكن أن يموت، أو أن تموت قضيته، فهو شعب موجود على أرضه وترابه منذ آلاف السنين.

شهادة باميلا آن سميث: فلسطينيون قبل مملكة سليمان بألف عام..
"فلسطين والفلسطينيون".. هذا هو عنوان الكتاب الصادر عام 1984 عن دار كروم هيلم، بكينجهام، للباحثة والصحفية الأمريكية باميلا آن سميث، الذي يتضح من عنوانه أنه يتحدث عن وطن اسمه فلسطين، وشعب اسمه الشعب الفلسطيني. لعل أبرز ما يلفت النظر في محتوى الكتاب (حوالي 300 صفحة) قول المؤلفة إن فلسطين ظلت موجودة دومًا منذ أقدم العصور حتى محيت من خريطة العالم عام 1948، وأن إعطاء دولة الانتداب البريطاني اليهود تمثيلاً لهم في فلسطين والامتناع عن منح الفلسطينيين أي تمثي، مع أنهم أصحاب البلاد الأصليين، ومع أنهم كانوا يمثلون أغلبية السكان "يعتبر بمثابة حرمان لأولئك السكان من حقوقهم القانونية والمدنية وكأنهم غير موجودين".

ما يهمنا في الكتاب الذي كتبت المؤلفة في إهدائه: "إلى والدي وأسر أولئك الذين قتلوا في تل الزعتر وصبرا وشاتيلا"، أنه يعتبر أحد الوثائق الهامة في الرد على إدعاءات المرشح الجمهوري نيوت جينجريش بأن الفلسطينيين شعب مخترع، حيث تستعرض المؤلفة بعد الحديث عن الطبيعة الطوبوغرافية المتنوعة لفلسطين تاريخ هذه البلاد العريقة بدءًا من الاستيطان العربي السامي فيها في الألف الثالث ق.م. وتقول بهذا الصدد أن الفلسطينيين باسمهم هذا كانوا موجودين هناك حوالي سنة 2000 ق.م. (أي قبل ألف عام من المملكة الموحدة- مملكة داود وسليمان التي دامت 70 عامًا فقط)، وتستطرد بأن اليهود سبوا على يد الأشوريين، وتم نفيهم إلى بابل. ثم تشير إلى هزيمة البابليين على يد الإسكندر المقدوني، ثم حكم البطالسة الذين حكموا فلسطين من خلال مصر، ثم مجيء الرومان قبل فترة وجيزة من ميلاد السيد المسيح عليه السلام، ثم تختتم بالحديث عن الحكم الإسلامي لفلسطين والحقبة العثمانية التي امتدت عبر أكثر من 1400 عامًا ظلت فلسطين خلالها عربية أرضًا وشعبًا.

تذكر الكاتبة في ص 47 وما بعدها تحت عنوان "السياسة البريطانية والفلسطينيون العرب" أن السياسة البريطانية في فترة حكومة الانتداب قامت على أساس عدم الاعتراف بالوجود القومي للسكان الأصليين (الفلسطينيون) سواءً في فلسطين، أو باعتبارهم جزء من الوطن العربي، حيث كانت تطلق عليهم "المجتمعات غير اليهودية". كما حاولت سلطات الانتداب ترويج مقولة إن فلسطين كانت مأهولة بعدد قليل من السكان، أو بطوائف دينية متنوعة، تكريسا لمقولة "ارض بلا شعب لشعب بلا ارض" وتوطئة لتقرير حقيقة أنه من السهل أن يضاف إليها المجتمع اليهودي "دون أن يمس ذلك بالضرورة حقوق الآخرين".

في الجزء الثاني من الكتاب، تتحدث سميث عن الخروج الفلسطيني المتكرر إلى المنفى، وما رافق ذلك الخروج من كفاح وإصرار الشعب الفلسطيني على استرداد الحقوق التي سلبها اليهود من هذا الشعب تسلطًا وقهرًا.

سميث الحاصلة على الماجستير في دراسات الشرق الأوسط من جامعة "هارفارد"، والدكتوراة في العلوم السياسية من جامعة كاليفورنيا، زارت المنطقة عدة مرات منذ العام 67، ورأت بأم عينها مأساة الشعب الفلسطيني بكل أبعادها، وكتبت عن انطباعاتها وأرائها في العديد من الصحف الأمريكية.

جينجريش في مرمى النيران..
* وصف صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين تصريحات جينجريش بانها "بغيضة". مضيفا إن مثل هذه التصريحات من شأنها أن "تؤجج دائرة العنف".
* ودعا رئيس الوزراء سلام فياض جينجريش الى الاعتذار عن هذه الأقوال التي اعتبرها "قمة في الإسفاف والترخص". وقال فياض "على المرشح الأمريكي نيوت جينجريش وأمثاله أن يراجعوا التاريخ، لأنه يبدو أن ما يعرفه عن التاريخ هو تاريخ الحقبة العثمانية، وهذا بكل تأكيد إنكار لحقائق تاريخية، وهو مرفوض".
* وقالت حنان عشراوي وهي مسؤولة بارزة اخرى تصريحات جينجريش "شديدة العنصرية" وتظهر "عدم قدرته على تولي منصب عام".
* ورأى توماس فريدمان في افتتاحية النيويورك تايمز في 14/12/2011 أن هذه التصريحات تأتي في إطار المنافسة بين جينجريش وبين منافسه ميت رومني على كسب أصوات اليهود من خلال التعبير عن حبهم لإسرائيل. واعتبر فريدمان أن تصريح غينغريش لا يمكن أن يكون تعبيرًا عن الولاء لإسرائيل، لأنه إذا كان اثنان ونصف مليون فلسطيني في الضفة الغربية ليسوا شعبًا حقيقيًا منتميًا لدولته الخاصة به، فإن ذلك يعني إعطاء إسرائيل الحق في الاحتلال الدائم للضفة الغربية، وأضاف أنه ينبغي على جينجريش أن يعي أن خيارات إسرائيل عندئذ ستنحصر بالحرمان الدائم لفلسطيني الضفة الغربية من الجنسية الإسرائيلية، وبالتالي وضع إسرائيل على طريق الفصل العنصري، أو إخلاء الضفة الغربية من الفلسطينيين من خلال التطهير العرقي، وبالتالي وضع إسرائيل على طريق المحكمة الجنائية الدولية بلاهاي، أو معاملة فلسطيني الضفة كمعاملة فلسطيني 48 بما يضع الأساس لإسرائيل كي تقيم دولة ثنائية القومية. وتساءل فريدمان على نحو ساخر، قائلا: هل يعني ذلك في المحصلة أن غينغريش موالٍ لإسرائيل؟

من هو نيوت جينجريش؟
سيكون من حسن حظ الرئيس أوباما أن يكون منافسه في الانتخابات الرئاسية نيوت جينجريش ، نظرًا لسجله الحافل بالفضائح ، وهو ما يمكن أن يسهل لأوباما الفوز بانتخابات الرئاسة لفترة ثانية.

·       ولد عام 1943 وحاصل على الدكتوراة من جامعة تولان
·       رئيس مجلس النواب الأمريكي الأسبق (1995-1999)
·       رغم أنه حقق في فضيحة الرئيس بيل كلينتون مع مونيكا لوينسكي في التسعينيات إلا أنه خان زوجته الأولى جاكي باتلي، مع زوجته الثانية ماريان غينتر، وطلق السيدة باتلي وهي على فراش الموت بحجة أنها اكبر منه سنا ، ثم خان زوجته الثانية ماريان مع كاليستا بيزك التي كانت تعمل في الكونجرس وتصغره بثلاثة وعشرين عاماً، ثم طلّق الزوجة الثانية ماريان واقترن بعشيقته موظفة الكونجرس.
·       تورط في العديد من الفضائح المالية، منها قبوله 1,6 مليون دولار من شركة فريدي ماك التي تعتبر من أكبر شركات الرهن العقاري في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أصبح من المعروف أنها ساهمت في حدوث فقاعة الإسكان، ثم انفجارها بعد ذلك فيما عرف بأزمة الرهن العقاري. وقد اعتبر جورج ويل في افتتاحيته في الـ"واشنطن بوست" في 14ديسمبر الماضي بأن قبول جينجريش لهذا المبلغ من هذه الشركة هو جريمة كبرى ينبغي أن يحاسب عليها.
·       سجلت لجنة مراقبة السلوك في الكونغرس 84 مخالفة سلوكية وأخلاقية له، أثناء فترة ترؤسه لمجموعة أعضاء الحزب الجمهوري. وكذب على اللجنة ثم اعترف بأنه قال كلاماً خاطئاً وغير جدير بالثقة. دفع غرامة بتصويت الغالبية العظمى من أعضاء الكونغرس، قيمتها 300 ألف دولار.
·       غير مذهبه 3 مرات، فانتقل من اللوثرية إلى المعمدانية الجنوبية، ليعتنق قبل نحو عامين المذهب الكاثوليكي (مذهب زوجته الثالثة).
·       كان وراء إصدار قانون نقل السفارة الأميركية للقدس عندما كان رئيسا لمجلس النواب الأميركي في التسعينات، ووعد مؤخرًا خلال لقاء "ائتلاف اليهود الجمهوريين"، بأن يكون الأمر التنفيذي الأول له إذا تولى الرئاسة، متعلقا بنقل السفارة الأميركية إليها، وأن تكون إسرائيل أول دولة يزورها. وهو قد أعلن مرارًا العام الماضي، عن عدائه الشديد للشريعة الإسلامية التي اعتبرها "الخطر الذي يتهدد أمريكا".
·       يرى العديد من المراقبين أن جينجريش هو الذي أعاد للحزب الجمهوري قوته في التسعينيات ومهد لصعود المحافظين الجدد.

·       "اليهود المعاصرون ليسوا ساميين، ولكنهم خليط من كل الشعوب الأوروبية، ويمكن أن يقال بمنتهى الدقة أنهم ليسوا شعبًا"
·       المؤرخ الفرنسي الشهير أرنست رينان

·       "أستطيع أن أفهم مطالب اليهود بعد كل الذي عانوه على أيدي الألمان بأنها مطالب ترمي إلى إعطائهم دولة في مكان ما في العالم ليمارسوا سيادتهم الخاصة فيها ، وإذا كان لابد من حدوث ذلك ، فتلك الدولة يجب أن تكون على حساب الغرب الذي ارتكب أفظع الفظائع ضد اليهود ، وليس على حساب العرب".
·       المؤرخ البريطاني الشهير أرنولد توينبي

·       اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة المنظمة الأقوى تأثيرا في الشأن العام على كوكب الأرض.
·       نيوت جينجرش

حقيقة علمية..
ذكرت صحيفة "التلجراف" البريطانية في 8/3/2010 أن أطروحة الدكتوراه لجوزيف مينجل التي تناولت العلاقة بين شكل الفك والهوية العرقية أثارت اليهود بشكل خاص الذين اعتبروا أن فكرة إجراء اختبار وراثي للأصل اليهودي مرعبة. وأشارت الصحيفة إلى أن معرفة من هو اليهودي عن طريق الحمض النووي أثبتت أن الغالبية العظمى من اليهود الأشكيناز (الغربيون) لا ينتمون إلى أصول يهودية لأن أجدادهم الذين كانوا يعيشون في أوروبا الشرقية والوسطى اعتنقوا اليهودية دون أن يكون لهم أصولاً عرقية يهودية، فيما أن الغالبية العظمى من اليهود السفارديم (الشرقيون) الذين يفترض أنهم ينتمون إلى أصول يهودية خالصة ليسوا يهودًا بعد أن أجبر أجدادهم على اعتناق المسيحية بعد انتهاء العهد الإسلامي المتسامح في الأندلس الذي شكل العصر الذهبي للثقافة اليهودية، وبعد تدشين قرنًا كاملاً من محاكم التفتيش الذي أضطهد فيه اليهود وأرغموا على اعتناق الكاثوليكية.


ثمن تصريح جينجريش 5 ملايين دولار..
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مؤخرا تقريرًا، كشفت فيه عن صفقة تمت بين المرشح الجمهوري نيوت جينجريش والمليادير اليهودي شيلدون أديلسون، تتضمن قول جينجريش: إن الشعب الفلسطيني شعب مخترع، وذلك لقاء 5 ملايين دولار قدمها أديلسون لجينجريش. وانتقد موقع موندوي الالكتروني تجاهل وكالة "أسوشيتد بريس" لهذه القضية والتغاضي عنها في تغطيتها الإخبارية، وانتقد أيضًا صحيفة "واشنطن بوست" التي أشارت إلى تلك القضية باقتضاب شديد بالقول إن أديلسون يعتبر داعما قويا لإسرائيل وأن آراءه بشأن النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني تتوافق مع آراء جينجريش، لكنها أقرّت بأن جينجريش تلقى شيكًا بهذا المبلغ السبت الماضي لدعم حملته الانتخابية في نيو هامشير دون أن تذكرالمقابل..!!

وتطرق موقع موندوي إلى علاقة تلك القضية باللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة من خلال التساؤل: لماذا تسيطر نظرية المؤامرة على عقول الكثيرين من الشعب الأمريكي فيما يتعلق باللوبي الإسرائيلي؟ مجيبًا أن السبب يكمن في أن "وسائل إعلامنا تلزم الصمت إزاء ما نعلمه جميعًا بأن هذا اللوبي يلعب دورًا قويًا في صياغة سياستنا ومستقبلنا"...
* كاتب فلسطيني- الرياض. - ibrahimabbas1@hotmail.com
الوسوم:
يتم التشغيل بواسطة Blogger.

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *