جاري تحميل ... مدونة عطا ابو رزق

إعلان الرئيسية

أخر الموضوعات

إعلان في أعلي التدوينة

مقالات

ستبقى تونس خضراء رغم أنف الظالمين

بقلم : عطا أبو رزق
كلمات الشاعر التونسي العظيم أبو القاسم الشابي
إذا الشعب يوماً أراد الحياة *** فلا بد أن يستجيب القدر
ولا بد لليل أن ينجلي *** ولا بد للقيد أن ينكسر
تنطلق اليوم من حناجر التونسيين الغاضبين كما الرعد المزلزل، أرعبت نظام الفساد والقهر والظلم ورموزة وفروا هاربين من هول العاصفة التي انطلق بها الشعب التونسي لتزيل ظلم سنين طويلة  أمتدت على مدى ثلاثة وعشرون عاماً حولت حياتهم إلى حياة بؤس وشقاء.
مشهد هروب زعماء الظلم والفساد نتيجة ثورة وغضب الشعب المتعطش للحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية لم تعيشه ولم تشهده الجماهير العربية من قبل، ، وكان لها بمثابة حلم قد لا يتحقق، خصوصاً بعد عقود طويلة من القمع عاشتها ومازالت تعيشها في ظل أنظمة دكتاتورية فاسدة ، لكن جماهير تونس الغاضبة حطمت القيد وأحالت الليل ضياءاً بثورتها وانتفاضتها وجعلت من الحلم حقيقة وهاهو زين العابدين بن علي يفر هارباً هو وحاشيته ولم تستطع أجهزة قمعه أن تحميه أو تحمي نظامه، ووقفت عاجزة مشلوله أمام هبة الجماهير الجائعة للحرية. إنه مشهد مهيب أعاد إلى الاذهان مشهد سقوط الدكتاتوريات في العالم، كسقوط قيصر روسيا أمام الثورة البلشفية في 1917، وسقوط شاوشسكو أمام جماهير رومانيا في 1989، وسقوط الشاه أمام ثورة الشعب الايراني في 1978. إنه مشهد تختلط فيه مشاعر الفرح والأمل في مستقبل مشرق لتونس وشعبها ولجماهيرنا العربية من بعد، تتحقق فيه الحريه والانعتاق من الظلم والفساد وتسودة الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمساواة، مع مشاعر قلقل من فشل وانتكاسة لهذه الهبة الجماهيرية على أيدي الانتهازيين والطفيلين من رموز الفساد الذين تربطهم مصالح خارجية لتولي مقاليد الحكم من جديد تبقي الوضع السابق بقهره وظلمة وفسادة على حاله دون تغير.
لقد حقق الشعب التونسي اليوم إرادته، وتخلص من نظام زين العابدين الفاسد ورموزه، مؤكدين على أن تونس ستبقى دوماً خضراء وعامرة بأبنائها وشبابها المكافح، وعصية على كل الطغاة مهما استكبروا وتجبروا وحارقة لأكبادهم. وردوا الاعتبار إلى الشاب محمد البوعزيزي بائع الخضار الذي احرق نفسه احتجاجاً على الظلم الذي يحدث، وكان سبباً في الانفجار، وإلى كل شهداء تونس الذين سقطوا على أيدي اجهزة القمع. لقد أرسلت انتفاضة وثورة الشعب التونسي رسالة واضحة لكل الجماهير العربية من مراكش إلى بغداد ومن جنوب السودان المنفصل إلى لواء الاسكندرونة الخاضع للاحتلال التركي مفادها بان أفيقوا وحطموا قيودكم لا تستكينوا لحكامكم مصاصي دمائكم، كونوا في حلوقهم كقطعة الزجاج كالصبار وفي عيونهم زوبعة من نار، أقضوا مضاجعهم وأملاؤوا الشوارع الغضاب بالمظاهرات، حتى يستقيم الأمر وترفع كل قوانين الطوارئ وتعود الحرية وتتعزز الديمقراطية وتتحقق العدالة الاجتماعية.
إننا كفلسطينين نعشق تونس كما نعشق وطننا فلسطين، إذ شكلت لنا وطناً أخر بعد خروج الثورة الفلسطينية من لبنان في 1982، ففتح لها الشعب التونسي قلبه قبل أن يفتحوا أبواب بيوتهم، وكانوا لرفاقنا وإخوتنا ومناضلينا كما الأهل، وأمتزجت دمائنا بتراب تونس وبدماء أبنائها في حمام الشط، وتقاسمنا الوجع والاحزان ومرارة الخنوع العربي العاجز عن ردع إسرائيل وتطاولها على الشعوب والدماء العربية. لذلك تابع شعبنا باهتمام كبير ما يحدث في كل من تونس والجزائر، ووضعنا أيينا على قلوبنا وخشينا على من أحببناهم في هذين البلدين الشقيقين من تدخلات خارجية تؤدي إلى تمزق وحدة الشعب وتفتته، إلا أن وعي الشعب التونسي وقواه الديمقراطية والتقدمية كان متيقظاً ومدركاً لأهدافه.
هنيئاً لشعب تونس ما حققته انتفاضتهم، رغم أن المشوار أمامهم مازال طويلاً وفي بدايته، فالنضال من أجل الحرية وتعزيزالديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية ليس بالأمر السهل، فسوائب الفاسدين وأذنابهم المتخفين تحت عباءة دعم الديمقراطية وإشاعة الحريات لم تنتهي، وتتربص لإنتفاضتهم كما خفافيش الليل لتمسك بعنقها وتحرفها عن أهدافها التي اشتعلت من أجلها، لتعيدها إلى دوامة الأحباط ومن ثم عودة السيطرة على مقدراتهم. لذلك على القوى الديمقراطية والتقدمية الحقيقية والفاعلة على الساحة التونسية أن تتولي قيادة الجماهير المنتفضه بشكل عفوي، وتوجيه الدفة بالوجهة التي تخدم جماهير العمال والكادحين والفلاحين وكافة طبقات الشعب المسحوقة، قبل أن تصل إليها أيد قوى تعمل لمصالح قوى أقليمية ودولية هدفها العبث بتضحيات الجماهير وتدمير انجازهم العظيم. وأن تدعوا إلى رفع كل قوانين الطوارئ المعمول بها منذ عقود طويلة، وأن تدعوا لإنتخابات حرة ونزيهه تكفل فيها المشاركة الحرة والفاعلة لكافة الاحزاب والقوى السياسية التونسية دون أي عراقيل تذكر.
15/1/2011
Attah90@hotmail.com
الوسوم:
يتم التشغيل بواسطة Blogger.

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *