مقالات
الشعب يريد إنهاء الانقسام
بقلم : عطا أبورزق
اصوات
كثيرة في جناحي الوطن بدأت ترتفع أكثر مطالبة بإنهاء الانقسام وعودة
الوحدة الوطنية للشعب الفلسطيني ، وبدأت هذه الاصوات تتحرك عبر مواقع
التواصل الاجتماعي على الانترنت، بعد أن ثبت بالملموس ما كان لهذه الوسائل
من تأثير في نجاح الثورة
المصرية والتونسية، وجاءت هذه التحركات تحت مسمى " نداء الوطن " وبشعار " الشعب يريد إنهاء الانقسام "، وحددت مواعيد متزامنة في جناحي الوطن للتجمع والتظاهر للمطالبة بإنهاء الانقسام الذي دخل عامة الخامس، وضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي باتت مستحقة منذ أكثر من عام.
المصرية والتونسية، وجاءت هذه التحركات تحت مسمى " نداء الوطن " وبشعار " الشعب يريد إنهاء الانقسام "، وحددت مواعيد متزامنة في جناحي الوطن للتجمع والتظاهر للمطالبة بإنهاء الانقسام الذي دخل عامة الخامس، وضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي باتت مستحقة منذ أكثر من عام.
المواطن
الغزي والضفاوي لم يعودا قادرين على احتمال واقع الانقسام الحادث، الذي
انتج تدهوراً كبيراً في المجالين الاجتماعي والسياسي، فعلى الضعيد
الاجتماعي دخل الانقسام كل بيت ولم يعد أفراد الاسرة الواحدة قادرين على أن
يستمتعوا بدفء البيت الواحد وما يحمله ذلك من معنى خصوصاً إذا ما انقسم
افراد هذه الاسرة إلى فتح وحماس. وبما أننا في قطاع غزة والضفة الفلسطينية
مازالت العائلية والعشائرية هي سمة من سمات مجتمعنا ، فإن ما هو حادث على
حال الاسرة الواحدة ينعكس مباشرة على العائلة أو الحمولة والعشيرة،
وبالتالي ينسحب ذلك على الشارع الفلسطيني والمجتمع الفلسطيني برمته. إضافة
لذلك تزايد الشعور بالأهانة والاذلال لدى المواطن الفلسطيني من ممارسات
الاجهزة الأمنية المختلفة سواء كانت في قطاع غزة أو الضفة الفلسطينية، كل
ذلك بحجة حماية الأمن وكأننا تحولنا إلى كيانين بوليسين تمنع فيهما حرية
التعبير سواء كان بالكلمة المكتوبة أو المسموعة أو بالتظاهر السلمي، مع بعض
الفوارق والاستثناءات. وصاحب هذه السطوة الأمنية المفرطة بروز فئات
الأحتكارين في الجوانب الاقتصادية المتعددة، والتي أشعلت في الأسعار ناراً
تحرق غالبية شرائح شعبنا خصوصاً ذوي الدخل المحدود.
وعلى
الصعيد السياسي فحدث ولا حرج، فلم تفارق عيون الشباب الفلسطيني في جناحي
الوطن صور المواجهات اليومية بين شباب القدس مع جنود الاحتلال الاسرائيلي
وسوائب مستوطنيه دفاعاً عن بيوتهم وأحيائهم العربية التي تعمل إسرائيل
بأقصى ما لديها من سرعة لتفريغها من أصحابها الشرعين وهدمها وإزالتها عن
الوجود، كي تمحوا أي أثر عربي في هذه المدينة لتحويلها إلى مدينة يهودية
خالصة تسيطر عليها سيطرة كاملة، إضافة إلى ذلك حالة الحصار الخانق التي
تفرضها قوات الاحتلال على كل من الضفة الفلسطينية وقطاع غزة، وتحويل مدننا
وقرانا ومخيماتنا إلى معتقل كبير الدخول والخروج منه يكون فقط برغبة المحتل
ومن يحاصرنا، هذا عدا عن حالة الحنق التي أصابت شبابنا من صور الردح
والردح المضاد على شاشات الفضائيات واتهام هنا واتهام هناك، الأمر الذي
ساهم في تعميق حالة الكراهية المنبعثة من الانقسام، واهتزاز الثقة بكل
القيادات والمسئولين الفلسطينين من كلا الجانبين، إضافة إلى ذلك فقد أدت
هذه الصورة إلى فقدان التأيد الواسع والكبير لقضيتنا الوطنية ولمشروعنا
الوطني القاضي بإقامة الدولة الفلسطينة المستقلة على حدود الـ1967 وعاصمتها
القدس وتحقيق حق العودة للأجئين حسب قرار 194، أولاً من شعوبنا العربية،
وثانياً من أصدقاء شعبنا في دول العالم المختلفة، حيث يحاول كل طرف أن يجير
الدعم والتأييد الشعبي سواء كان عربياً أو إسلامياً أو غير ذلك له
ولجماعته ولفكره وأيديولوجيته، وليس أدل على ذلك ما كان يحدث مع قوافل كسر
الحصار على غزة. كل هذا يحدث دون أن يكون بمقدور من يدعون زرواً وبهتاناً
بأنهم أصحاب مشروع مقاومة وومانعة، ومن يؤيدون ويدعمون إتباع نهج واسلوب
المفاوضات فقط أن يفعلوا لعاصمتنا الموعودة شيئاً، ولم يكن بمقدورهم أن
يوقفوا الاستيطان والاستمرار في بناء جدار الفصل العنصري، وأن يتصدوا
للحواجز التي تقطع أوصال الضفة الفلسطينة وكسر الحصار والخروج من عنق
الزجاجة الذي وضعنا بها الانقسام وانسداد الافق السياسي.
ومما
يزيد الطين بلة، والأمر سؤً، تراكم الاحساس لدى شعبنا وشبابنا بالمهانة
بعد الفيتو الأمريكي الذي كان متوقعاً ضد مشروع قرار يدبن الاستيطان في
أراض السلطة الوطنية الفلسطينية، كانت قد طرحته المجموعة العربية على مجلس
الأمن مساء الجمعة 18/2، خصوصاً وأنه جاء بعد المكالمة المطولة بين الرئيس
الأمريكي باراك أوباما والرئيس أبو مازن حول ذات الموضوع، وتصريحات كلينتون
يوم الخميس 17/2/2011، والتي تأتي في السياق نفسه إذ تؤكد خلالها بأن
قرارات مجلس الامن الدولي "ليست السبيل الصحيح" للتقدم نحو تحقيق الحل
القائم على دولتين في النزاع الاسرائيلي الفلسطيني، والتلويح بعقوبات مالية
على السلطة نتيجة عدم خضوعها للإملاءات الأمريكية. الأمر الذي عمق الاحساس
والقناعة لدى شبابنا بان السبيل الأمثل لمواجهة كل هذه التحديات وإعادة
الاعتبار للمشروع الوطني الفلسطيني هو تحرك شعبي ضاغط في جناحي الوطن يهدف
لإنهاء الانقسام، واستعادة الوحدة الوطنية، وأنه لا يجب أن يترك أمر
المصالحة وإنهاء الانقسام رهناً بمواقف الطرفين المتسببين بالانقسام،
خصوصاً أنه لم يعد ما يمكن تبريره من قبل الطرفين في عدم التوصل لاتفاق
ينهي الانقسام بعد كل جولات الحوارات والتفاهمات والتي لم يتبقى من نقاط
الخلاف سوى القليل والقليل جداً، والتي لا تعيق التوصل إلى اتفاق يفضى في
النتيجة للتوجه إلى صناديق الانتخابات لتجديد الشرعيات الرئاسية والتشريعية
التي فقدت نتيجة الانقسام من ناحية وإنتهاء مدتها القانونية من الناحية
الاخرى.
وعلى
قدر الأهمية التي يوليها شبابنا وشعبنا لإنهاء الانقسام وإجراء الانتخابات
التشريعية والرئاسية، فإن الجميع يتطلع إلى إعادة بناء منظمة التحرير
الفلسطينية على الاسس التي تم التوافق عليها في اتفاق القاهرة 2005، وبناء
استراتيجية وطنية فلسطينية جديده قائمة على أساس حق شعبنا في ممارسة كافة
أشكال النضال الممكنة والمتاحة وبما يحقق مصالح وطموحات شعبنا في الحرية
والاستقلال، ومستندة في ذلك على بناء جبهة مقاومة شعبية موحدة يشارك فيها
الجميع وتخضع لقيادة سياسية واحدة تأخذ قراراتها من هيئات وموسسات المنظمة
المعاد بنائها وبمشاركة الجميع .
إن
رياح التغير التي هبت على منطقتنا العربية والتي أثبتت قدرة الشعوب بقواها
الذاتية على التغير، أرخت بظلالها على كل شعوب المنطقة العربية بما في ذلك
شبابنا الذي كان رائداً في كل معارك شعبنا ضد محتليه ومغتصبي أرضه، وفي صد
كل مؤامرات التصفية لقضيتنا الوطنية ومشروعنا الوطني بدأً من مشروع
التوطين في خمسينات القرن الماضي، مروراً بمشروع الوطن البديل وحتى يومنا
هذا، وعلى هذا الاساس كان هذا التحرك الميمون للشبابنا في الضفة الفلسطينية
في ميدان المنارة، رافضاً لإستمرار الانقسام ومع ضرورة إنهائه باسرع وقت
ممكن، ورافضاً للموقف الأمريكي المنحاز كلياً بجانب دولة الاحتلال، ومؤكداً
على حق شعبنا في رفض الأملاءات من أي جهة كانت التي تطالب القيادة
الفلسطينية بالعودة لمواصلة التفاوض في ظل الاستيطان. والسؤال الذي يطرح
نفسه هنا، هل سيكون بمقدور الشباب التحرك بنفس القدر في قطاع غزة وفي كتيبة
الوحدة الوطنية؟، أم سيمنع كل صوت وكل تحرك في هذا الاتجاه ؟، كي لا يخلط
الأوراق ويُضيع فرص اقتسام الكعكة حسبما يرى كل طرف؟
21/2/2011
كاتب وباحث
Attah90@hotmail.com