جاري تحميل ... مدونة عطا ابو رزق

إعلان الرئيسية

أخر الموضوعات

إعلان في أعلي التدوينة

مقالات أعجبتني

ثلاثة عقود على انهيار الإشتراكية: عودة لليسار؟



 سليمان أبو ارشيد


يعتبر فوز رئيسة وزراء بريطانيا مارغريت تاتشر في انتخابات عام 1983على زعيم حزب العمال البريطاني مايكل بوت نهاية عهد الإشتراكية الديمقراطية التي سقطت نهائيا بسقوط الإتحاد السوفييتي لاحقا. وكان بوت الذي اعتبر في حينه "يساري راديكالي" قد عارض مؤسسة الملكية وطالب بتفكيك بريطانيا من السلاح النووي والانسحاب من السوق الأوروبية المشتركة.

مشروع بوت الذي دعا إلى تأميم الصناعات التي  خصخصتها من قبل تاتشر وإلغاء التقليصات التي أجراها حزب العمال في فترته السابقة، وزيادة الاستثمار الجماهيري في مجالي البناء والصناعة والشروع بخطة طوارئ، لتأمين تشغيل ملايين العمال، هذا المشروع حظي لاحقا بالتسمية الساخرة "أطول رسالة انتحار في التاريخ" ، بينما خسر حزب العمال ثلاثة ملايين ناخب و160 مقعدا في البرلمان، منذ ذلك التاريخ لم يستطع أحد الوقوف في في وجه التاتشرية، حيث نجحت المرأة الحديدية في كسر عمال المناجم وقامت ببيع ممتلكات الدولة الواحد بعد الآخر.
سنة بعد هذا التاريخ، سقط في واشنطن مشروع المرشح الديمقراطي والترموندييل، الذي وعد برفع الضرائب وتفكيك جزء من السلاح النووي الأمريكي، وتثبيت مسألة مساواة المرأة في الدستور الأمريكي، سقط تحت أقدام الرئيس الجمهوري المحافظ رونالد ريغن فاتحا الباب على مصراعيه أمام عهد إجماع جديد في الغرب يقوم على تفكيك دولة الرفاه  وتخفيض انفاق الدولة والصراع ضد العمل المنظم.
عام 1984 عدل الرئيس فرنسوا ميتران بشكل كبير سياسة التأميمات التي كان قد شرع بتنفيذها في فترة حكمه الأولى، وقام بفصل الوزير الشيوعي الأخير من حكومته. ميتران قام تماشيا مع العهد الجديد، بخصخصة البنوك ودعا إلى عصرنة على الطريقة الأمريكية.
منذ عام 1984 تبنت الأحزاب التي كانت تعرف على أنها أحزاب اشتراكية ديمقراطية في بريطانيا، فرنسا وألمانيا وكذلك الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة، تبنت أيديولوجية منافسيها المحافظين المعروفة بـ (النيوليبرالية)، وغدت الفروقات بين الخصمين المتنافسين فروقات شكلية فقط، تلخصت ربما في تركيز الأحزاب الإشتراكية الديمقراطية على مواضيع جودة البيئة وحقوق المثليين.
ثلاثة عقود من سيادة السياسة النيوليبرالية دون منازع
بيل كلينتون وتوني بلير وغيرهارد شرودر واصلوا في تقليص دولة الرفاه، حتى مساهمتهم كانت أكثر من تاتشر وريغان في تجذير النيولبرالية في تربة الإجماع . وإيذانا بالعهد الجديد وصف زعيم حزب العمال البريطاني جوردون براون،  رؤيا حزبه بأنه ديمقراطية أصحاب البيوت، أصحاب الأسهم وأصحاب الأملاك والمال.
بعد  هزيمة البديل الأيديولوجي سادت منذ ما يقارب الثلاثة عقود أيديولوجيا واحدة كانت خلالها السياسة العالمية بدون معارضة النيوليبرالية ظلت صامدة حتى على الرغم من الأزمة الاقتصادية في 2008 ، ولكن في السنة الأخيرة هناك بوادر لتحرك جديد بدأ في اليونان، حيث حاول ائتلاف اليسار سيريزا تغيير الثقافة السياسية السائدة في الدولة وتأسيس "منظومة اشتراكية" جديدة، على الرغم من خضوع ألكسيس تشيفراسفي النهاية للضغوطات وقبوله بخطة التقليصات التي فرضها الاتحاد الأوروبي.
فوز حزب سيريزا وانطلاق التغيير من اليونان
فوز حزب «سيريزا» اليساري في الانتخابات اليونانية وتشكيل الحكومة برئاسة أليكسي تسيبراس فاجأ «الطبقة الحاكمة» في أوروبا، فقد مرت عقود على استتباب الأمر لليمين المحافظ ويسار الوسط في الحكم، خصوصاً في بريطانيا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا، حيث خبت أصوات الأحزاب الشيوعية وحركات اليسار، حتى قبل انهيار الاتحاد السوفياتي بسنوات..
 ما حدث في اليونان، كان مفاجأة للأحزاب الحاكمة التي تصورت أنها استطاعت الانتصار، ولم تعد في حاجة إلى التجديد، طالما ليس هناك من ينافسها، وطالما أن الشعوب استكانت للواقع، وكلمة يساري أصبحت شتيمة.

سيريزا ائتلاف ضم 13 فصيلا شيوعيا مختلفا
رأى حزب "سيريزا"  الضوء في 2004، كجبهة للأحزاب والمنظمات اليسارية، وبحلول انتخابات 2012 التشريعية كان قد أصبح يضم 12 منظمة. هو يضم في صفوفه ناشطين لم يعودوا يتماهون مع اليسار التقليدي. و«سيريزا» هو اختصار لـ«تعاون اليسار الراديكالي». مرّ الائتلاف بأزمات عدّة بعد الانتخابات التشريعية في 2004، وعانى بضعة انشقاقات. لم يكن أحد يتوقع بعد ذلك أن يكون مفاجأة انتخابات 2007 حين نال 5.04 في المئة من الأصوات.
وفي أول انتخابات داخل الائتلاف بعد ذلك، انتخب اليكسيس تسيبراس الذي كان مستشاراً في بلدية أثينا، رئيساً. ربما كان ذلك نقطة التغيير الكبيرة؛ إذ استطاع تسيبراس أن يبني شعبية كبيرة له بين الناخبين؛ لأنه لم يكن نائباً حتى في ذلك الوقت، ما جعله نظيفاً بنظر الناس، في زمن الفضائح المالية المتكررة. هكذا استطاع أن يصل بسهولة إلى البرلمان في انتخابات 2009 المبكرة، رغم تراجع حصة الائتلاف إلى 4.7 في المئة من الأصوات على المستوى الوطني. «سيريزا» أصبح اليوم حزباً، أكثر من كونه ائتلاف أحزاب يضم 13 فصيلاً شيوعياً مختلفاً، وهو يعبّر عن هذه الأحزاب التي يتألف منها، وتشمل أطياف اليسار كلها: من الخضر وأنصار البيئة، إلى الماويين، والتروتسكيين، واليسار الأوروبي، واليسار الراديكالي، ويتكلم باسم أطياف اليسار كلها. وتشير الأرقام بوضوح إلى التقدم الكبير الذي حققه «سيريزا» بين 16.78 في المئة في انتخابات أيار 2012، و 26.89 في المئة في حزيران 2012، محققاً المركز الثاني في المرتين، وصولا إلى الفوز بالانتخابات الأخيرة.
انتقال العدوى إلى بريطانيا وانتخاب كوربن رئيسا لحزب العمال
في بريطانيا لم تجد تحذيرات توني بلير من أن إقدام العماليين على انتخاب جيريمي كوربين لرئاسة الحزب واعتباره بمثابة انتحار، فقد  انتخبه حزب العمال البريطاني. وفوز جيرمي كوربين يمثل بالنسبة إلى مؤيديه نفساً جديدا وعودة إلى جذور حزب العمال اليساري كحركة للطبقة العاملة بعد سنوات من سياسة صديقة للسوق، أثناء حكم  بلير .
ويجمع بلير مع كوربين عداء قديم يعود إلى الفترة التي أعقبت مشاركة بريطانيا في حربي أفغانستان والعراق، فقد تصدر كوربين المشهد وقتها معارضاً التوجه إلى الحرب، وانتخب رئيساً لتحالف أوقفوا الحرب، عام 2001 واستطاع أن يحشد المعارضة لهاتين الحربين تحديداً، وقد لعب كوربين دوراً كبيراً في تنظيم أكبر مظاهرة احتجاجية سياسية في تاريخ بريطانيا ضد حرب العراق.  كوربين وعد أكثر من مرة بمحاسبة أولئك الذين كذبوا على البريطانيين وورطوهم في تلك الحروب، وهو يقصد على وجه التحديد توني بلير.
 ويصف جيريمي كوربين نفسه بأنه مناضل اشتراكي وهو يسعى لمكافحة الفقر، ويضع برنامجاً لا يخلو من بعض الأحلام اليسارية التي تؤمن بالعدالة الاجتماعية والمساواة، وهو ما يقول إن بريطانيا باتت تفتقده، ويعيد السبب في كل ذلك إلى السياسات الاقتصادية الخاطئة التي انتهجتها الحكومات المتعاقبة منذ ثمانينات القرن الماضي والتي أدت إلى إغلاق مئات المصانع.

كوربين كشف انه سينتهج سياسة تقشف بطريقة مختلفة في السنوات الخمس المقبلة، أما بشأن فقراء بريطانيا فقد أكد كوربين أن على الأغنياء أن يدفعوا المزيد، والفقراء سيتحسّن وضعهم نتيجة ما يقترحه من سياسات، نافياً سعيه لرفع الضرائب على أصحاب الدخول المتدنية أو المتوسطة. معتبراً أن هناك كثيرين يعملون بجد ليبقوا على قيد الحياة ويوفروا أدنى متطلباتها، ولكن القضية تصبح هل علينا رفع الحد الأدنى للأجور أم يكون لدينا نظام ضمان اجتماعي يقدم الفرص ويعين المعوّقين وما إلى ذلك.
من هو جيرمي كوربين؟
 جيريمي كوربين  انتخب عضوا في مجلس النواب البريطاني أول مرة عام 1983 عن إزلينغتون الشمالية وانضم فوراً لمجموعة حملة الاشتراكية، وبعد فترة وجيزة من انتخابه بدأ كتابة عمود أسبوعي في morning star، والذي ما زال مواظباً على كتابته حتى يومنا هذا، وقد أعيد انتخابه لعضوية مجلس النواب سبع مرات متتالية، طرح مجموعة من الأفكار التي أثارت لغطاً في الشارع البريطاني ومن أبرز هذه الأفكار تفضيله أن تتحول بريطانيا إلى جمهورية، وإلغاء مجلس اللوردات والمساواة في التمثيل بين الرجال والنساء في مجلس النواب.
عرف عن كوربين عداؤه الشديد لنظام الفصل العنصري الذي كان سائداً في جنوب أفريقيا، وقد ألقي القبض عليه عام 1984 أثناء تنظيمه احتجاجاً أمام البيت الجنوب أفريقي في العاصمة لندن، وما لبث أن أطلق سراحه بعد ذلك، وأيّد بشكل لافت جمهورية إيرلندا الإتحادية رغم تعارض موقفه هذا مع سياسة حزب العمال الذي ينتمي إليه، وقد لاقت مواقفه هذه انتقادات داخل الحزب لكنها لم تفقده شعبيته التي ضمنت له البقاء عضواً في مجلس النواب، رغم الصعوبات التي عانى منها الحزب في الانتخابات الأخيرة، والنتائج المخيّبة للآمال التي دفعت رئيس الحزب إيد ماليباند للاستقالة من منصبه.
يعتبر جيريمي كوربين من الأعضاء البارزين في منظمة العفو الدولية وقد قاد عام 1985 حملة عالمية لمحاكمة دكتاتور تشيلي السابق الجنرال بينوشيه، كما أنه لا يخفي دعمه للحق الفلسطيني في المحافل الدولية وينظر إليه على أنه واحد من أهم مناصري القضية الفلسطينية في المملكة المتحدة.
ورغم معارضته الشديدة لامتلاك الأسلحة النووية، بل إنه يعتزم التصويت عام 2016 على أن تتخلى بريطانيا عن ترسانتها من السلاح النووي إلا أن ذلك لم يمنعه من أن يطالب وأكثر من مرة بضرورة رفع العقوبات التي كانت مفروضة في السابق على إيران، معتبراً أن العقوبات لن تجدي نفعاً، وأن المجتمع الدولي ينبغي أن يبحث عن وسائل لا تكون لها انعكاسات سلبية على الشعوب، حسب رأيه.
عام 2013، مُنح كوربين جائزة غاندي الدولية للسلام وجاء في حيثيات منحه الجائزة أنه بذل جهوداً حثيثة خلال فترة عمله البرلمانية لمدة 30 عاماً لإعلاء قيم غاندي للعدالة الاجتماعية ونبذ العنف.
إسبانيا على الطريق - استطلاعات الرأي تنبئ بفوز البوديموس اليساري
 وفي إسبانيا وهي الدولة الثانية بعد اليونان التي تعاني جراء السياسات الاقتصادية التي يفرضها عليها انضمامها للاتحاد الأوروبي، يتكرس يوما بعد يوم، التقدم السياسي لحزب بوديموس وقد بات هذا الحزب الذي تأسس منذ 8 أشهر فقط القوة السياسية الأولى في إسبانيا  بحسب استطلاع رأي أجراه معهد ميتروسكوبيا لفائدة صحيفة الباييس الإسبانية وسيكون الفائز بالانتخابات إذا أجريت في الوقت الراهن.


وكشفت الباييس اسنتادا إلى نتائج استطلاع الرأي أن حزب بوديموس الذي لا يتوفر على أي مقعد لا في المجالس البلدية ولا البرلمانية وله مقاعد فقط  في البرلمان الأوروبي، قد حصل على نسبة 27% من دعم الناخبين الذين يعتزمون التصويت لصالحه، متفوقا على الحزبين التقليديين  الحزب الاشتراكي العمالي المعارض الذي حصل على نسبة دعم  تصل إلى 26،2 في المائة،  وعلى   الحزب الشعبي الحاكم،  وبفارق أكبر ، حيث  حصل على نسبة 27.7% وحسب نتائج الاستطلاع ذاته، فإن زعيم حزب بوديموس،  بابلو غليسياس 35 سنة أستاذ العلوم السياسية ، يعتبر الشخصية السياسية  التي تحظى بالتقدير  الأكبر من  قبل الرأي العام الإسباني، متقدما على رئيس الحزب الإشتراكي العمالي بيدرو سانشيس وعلى رئيس الحكومة الإسبانية ماريانو راخوي.
بوديموس له موقف مناصر للقضايا العربية والفلسطينية، وكان  قد وصف الحرب الأخيرة على قطاع غزة بأنها حرب إبادة وحرب أبرتهايد  ضد الفلسطينيين.
في أمريكا السيناتور الإشتراكي بيرني ساندرز يتحدى هيلاري كلينتون
تباشير هذا التغيير لم تقفز عن أمريكا حيث أطلق السناتور بيرني ساندرز حملة انتخابية يسارية داخل الحزب الديموقراطي في السباق إلى البيت  الأبيض لعام 2016 منددا بما وصفه نظام اقتصادي "غير أخلاقي" ويعمل لصالح الأثرياء.
ووصف بيرني ساندرز (73 عاما) نفسه بأنه اشتراكي وهو أول مرشح يتحدى رسميا هيلاري كلينتون داخل الحزب الديموقراطي.




وقال خلال مؤتمر صحافي مقتضب داخل مبنى الكونغرس في واشنطن إن "99 في المئة من العائدات في هذا البلد تذهب إلى واحد في المئة وهم الأكثر ثراء" في البلد.
وأضاف "كيف يمكن أن يمتلك الواحد في المئة الأكثر ثراء ثروات 90 في المئة من الناس الأقل ثروة"، مشيرا إلى  أن "هذا النوع من الاقتصاد ليس فقط غير أخلاقي، وليس سيئا فقط، بل هو لا يحتمل.
يشار إلى أن بيرني ساندرز ليس عضوا في الحزب الديموقراطي ،ولكنه ينتمي إلى الكتلة الديموقراطية في مجلس الشيوخ كمستقل مع زميله ماين انغوس كينغ وهما المستقلان الوحيدان في الكونغرس.
وكان ساندرز عمدة مدينة بورلينغتون في ولاية فيرمونت (شمال شرق الولايات المتحدة). ثم انتخب عام 1990 عضوا في مجلس النواب كمستقل وانتخب عام 2006 عضوا في مجلس الشيوخ وأعيد انتخابه عام 2012 بأكثرية 71 في المئة من الأصوات.
نقلاً عن فصل المقال 
يتم التشغيل بواسطة Blogger.

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *