أبحاث
الظاهرة الإسلامية السياسية الحديثة (10-10)
ميثم
الجنابي
إن
الشيء الجلي فيما يتعلق بالحصيلة الفعلية والواقعية للظاهرة الإسلامية الحديثة في العالم
الإسلامي، والعربي بشكل خاص،
يكشف عن أن "تاريخ" الدنيوية الحديثة في العالم الإسلامي كان زمنا بلا حداثة فعلية. وذلك لأنها كانت أما مستوردة وأما تقليدا، بمعنى أنها لم تكن نتاج معاناة ذاتية نابعة من تذليل الإصلاحية الدينية للتراث اللاهوتي ومن ثم الانتقال منه إلى مصاف الرؤية السياسية الصرف، أي تذليل مكونات الثقافة القديمة بشكل عام واللاهوتية بشكل خاص. ويمكن رؤية انعكاس هذا الواقع ليس فقط في ظاهرة انتشار وهيمنة الفكر و"التفكير" الأيديولوجي (وليس الفلسفي والعلمي) في الوعي الإسلامي (والدنيوي أيضا)، بل وفي شيوع المصطلحات الإسلامية للفكرة الدنيوية السياسية مثل "الانبعاث الإسلامي"، و"النهضة الإسلامية"، و"الطريق الإسلامي"، و"الثورة الإسلامية"، و"البديل الحضاري الإسلامي"، وما شابه ذلك. وهذه بدورها ليست إلا الوجه الآخر لتيه الحداثة في سيناء تقليد غبي لغرب ذكي! وبالتالي ليس الرجوع العنيد والبليد أيضا "للإسلام السياسي" بهيئة أنماط غالية ومتشددة وإرهابية سوى الوجه الآخر أيضا للسير ضد زمن الاغتراب الدنيوي ولكن بالضد أيضا من مسار التاريخ الثقافي الطبيعي. بمعنى الإصرار على البقاء ضمن مسار معاكس بمعايير التاريخ الطبيعي، ومقلوب بمعايير الثقافة. الأمر الذي يعطي لنا إمكانية الحكم بأن صعود "الإسلام السياسي" الحالي بأشد أشكاله غلواً وتطرفا هو خاتمة الانغلاق التاريخي الثقافي للوعي الديني اللاهوتي الذي نتج عن خطأ المسار الحديث للعالم الإسلامي.
يكشف عن أن "تاريخ" الدنيوية الحديثة في العالم الإسلامي كان زمنا بلا حداثة فعلية. وذلك لأنها كانت أما مستوردة وأما تقليدا، بمعنى أنها لم تكن نتاج معاناة ذاتية نابعة من تذليل الإصلاحية الدينية للتراث اللاهوتي ومن ثم الانتقال منه إلى مصاف الرؤية السياسية الصرف، أي تذليل مكونات الثقافة القديمة بشكل عام واللاهوتية بشكل خاص. ويمكن رؤية انعكاس هذا الواقع ليس فقط في ظاهرة انتشار وهيمنة الفكر و"التفكير" الأيديولوجي (وليس الفلسفي والعلمي) في الوعي الإسلامي (والدنيوي أيضا)، بل وفي شيوع المصطلحات الإسلامية للفكرة الدنيوية السياسية مثل "الانبعاث الإسلامي"، و"النهضة الإسلامية"، و"الطريق الإسلامي"، و"الثورة الإسلامية"، و"البديل الحضاري الإسلامي"، وما شابه ذلك. وهذه بدورها ليست إلا الوجه الآخر لتيه الحداثة في سيناء تقليد غبي لغرب ذكي! وبالتالي ليس الرجوع العنيد والبليد أيضا "للإسلام السياسي" بهيئة أنماط غالية ومتشددة وإرهابية سوى الوجه الآخر أيضا للسير ضد زمن الاغتراب الدنيوي ولكن بالضد أيضا من مسار التاريخ الثقافي الطبيعي. بمعنى الإصرار على البقاء ضمن مسار معاكس بمعايير التاريخ الطبيعي، ومقلوب بمعايير الثقافة. الأمر الذي يعطي لنا إمكانية الحكم بأن صعود "الإسلام السياسي" الحالي بأشد أشكاله غلواً وتطرفا هو خاتمة الانغلاق التاريخي الثقافي للوعي الديني اللاهوتي الذي نتج عن خطأ المسار الحديث للعالم الإسلامي.
إذ
يرتبط الإرهاب السلفي المتشدد من حيث هو ظاهرة اجتماعية سياسية وأيديولوجية ارتباطا
عضويا بنفسية وذهنية التطرف والغلوّ. وهو ارتباط له نماذجه التاريخية العريقة والعديدة.
إلا أن خصوصيته تقوم في كونه الرد الضيق على ضيق السلفية المتشددة السائدة أو «سلفية»
الأنظمة الاستبدادية. وبهذا المعنى فان لكل أمة وثقافة في مرحلة من مراحلها مستويات
ونماذج من التطرف والغلو، ومن ثم نماذج ومستويات من «الإرهاب السلفي» المناسبة لهما.
ذلك يعني أن «للإرهاب السلفي» مظاهر على مستوى الدولة، وأحيانا على مستوى الأمم، وأحيانا
على مستوى الأحزاب والحركات والأفراد. وبغض النظر عن تباينها الشكلي، فإن ما يجمعها
هو فقدان الأوزان الداخلية الصانعة لفكرة الاعتدال وضرورته المادية والمعنوية للفرد
والجماعة والأمة والدولة والثقافة. وليس مصادفة أن تنغلق الحركات الإرهابية مع مرور
الزمن على نفسها وتتقوقع في هيئة كيانات مريضة أسلوبها الوحيد للاستمرار هو الاندثار
أو الذوبان في أمراض معدية جديدة. من هنا طابعها الضيق وانغلاقها التاريخي وعجزها عن
تقديم بدائل إيجابية. وليس مصادفة أيضا أن تجري إدانتها التاريخية والسياسية والفكرية
والأخلاقية والقانونية. إلا أن قدرتها الحالية على البقاء ضمن «حضرة الإسلام»، بل والتأييد
الهائل لها من جانب «الشارع المسلم» والمؤسسات السلفية هو النتاج الملازم لفقدان الاعتدال
العقلاني في العالم العربي على مستوى الدولة والمجتمع والثقافة. وبالتالي انحطاط الدين
أيضا بوصفه القوة الجارفة في تيار السلفية المعاصرة وإرهابها المنظم!
إن
سيادة واستحكام الرؤية السلفية أو التوتاليتارية الدينية هو المصدر النظري لتبرير وتدعيم
فكرة «المقدس» بما في ذلك تجاه الإرهاب بوصفه أحد الأساليب العنيفة لبلوغ الأهداف الخاصة
بهذه الحركة أو تلك. وينطبق هذا الحكم على الحركات السلفية الراديكالية الإسلامية المعاصرة،
التي جعلت من الإرهاب «جهادا» أو «حربا مقدسة» قابلة للتنفيذ ضد الجميع بغض النظر عن
القومية والجنس والدين. فالذهنية السلفية عادة ما تختزل الموقف إلى ثنائية الأنا –
العدو. أما هوية «العدو» فهي وعاء يمكن إدراج كل طرف تعتقد بأنه مصدر التهديد الأولي
لما تسعى إليه أو الحفاظ عليه. وهي ذهنية لا يؤدي تراكمها التاريخي والدفاع المستميت
عنها إلا إلى استحكام فكرة المقدس في النظر إلى أفعالها بما في ذلك أكثرها تفاهة وهمجية.
وأكثر من مثل هذه الحالة في تاريخ الإسلام القديم والمعاصر التيار الحنبلي.
فقد
كانت الحنبلية التيار المناسب لإيمان العوام، أي للذهنية العادية والتقليدية. وذلك
لان مضمونها لا يتعدى فكرة الانصياع والتنفيذ الشكلي والتقليد الحرفي لمجموعة النصوص
المتراكمة في خيال الثقافة وأوهامها وعقولها. كما أنه التيار الذي مّثل الفكرة القائلة
بضرورة التمسك الحرفي بكل ما هو «مقدس» و«إسلامي». بينما لم يكن هذا المقدس والإسلامي
سوى كمية النصوص المحببة لأوهام العوام. من هنا انهماكه الفعال في شئون الجسد الفردي.
إذ ليست حقيقة الحنبلية سوى الاعتناء المفرط بحقوق الجسد والتزاماته بما يخدم «واجبات»
الانتقال من لذة الدنيا إلى «نعيم الآخرة». ذلك يعني أن حدودها القصوى تنحصر في شهوة
الفرجين. وهي شهوة اختزلت مضمون الإسلام وعقائده الكبرى من خلال تحييد العقل ومنعه
من الإبداع الحر، لأنها وجدت في كل فعل عقلي حر أسلوبا يؤدي بالضرورة إلى بدعة. وقد
كانت تلك «البدعة الكبرى» في تاريخ الإسلام، أي الانتهاك الفج لحقيقة ما فيه من دعوة
للاجتهاد العقلي. ووجدت هذه الدعوة تجسيدها التاريخي في صيرورة الحضارة الإسلامية وثقافة
الخلافة، أي كل ما حصل على نماذجه الكبرى في إبداع مختلف الفرق والمدارس والعلوم.
وليس
مصادفة أن تكون الحنبلية تيارا منبوذا من رجال العقلانية الإسلامية وأعلامها العظام
بما في ذلك من جانب السلطة (زمن المأمون). لكنها تحولت بعد سقوط الحضارة الإسلامية
وخراب بؤرها الثقافية واندثار مراكزها السياسية إلى العقيدة الأكثر انتشارا ورسوخا.
وتشير هذه الحالة أولا وقبل كل شيء إلى جمود الروح الثقافي وخراب الذهنية النقدية وانحسارها
التام. وليس مصادفة أن تسود الذهنية الحنبلية في جميع مراحل السبات الثقافي والحضاري
في عالم الإسلام عموما وفي العالم العربي خصوصا. الأمر الذي جعل منها أيديولوجية مناسبة
للانحطاط الثقافي والسياسي
لقد
غرست الحنبلية في النفسية الاجتماعية والذهنية الثقافية نمطا سلفيا (راديكاليا وتوتاليتاريا)
في الفكر والممارسة استطاع في غضون قرون عديدة تجفيف أغلب المصادر الحية للرؤية الإسلامية.
إنها استطاعت أن تنتج وتعيد إنتاج ذهنية لا يتعدى اهتمامها حدود الجسد الفردي المرفوع
إلى مصاف «الأمة». بمعنى غياب واضمحلال، بل واندثار الأبعاد الاجتماعية والسياسية للفكر.
مع ما ترتب عليه من تجميد للحياة الاجتماعية بمعايير العبادات الشكلية، وتحنيط للحياة
السياسية يقيم الخضوع، ومن ثم ترسيخ وتوسيع الاستبداد السياسي والفكري والاجتماعي عبر
دعمه الدائم بقواعد الإيمان التقليدي. وليس اعتباطا أن تكون معظم الحركات السلفية الإسلامية
والمتعصبة منها والإرهابية هي مجرد نماذج متنوعة للحنبلية (الوهابية). ومن الممكن تحسس
هذه الظاهرة من خلال رؤية الارتباط العلني والمستتر بين الحركات السلفية المتطرفة والأنظمة
التقليدية.
كان
تاريخ السلفيات المتطرفة وما زال في اغلبه على وئام سياسي مع القوى الملكية التي تقدم
نفسها حامية للدين والدنيا. كما انه ليس اعتباطا أن تظهر اعنف واشد الحركات الإرهابية
الإسلامية في البلدان الملكية التقليدية كالسعودية والأردنية والمغربية، أو على الأقل
اغلب قادتها العمليين («الجهاديين») المشهورين. ففي كليهما تسود وحدة القيم المشتركة
عن «الوحدة» و«الصراط المستقيم» ومحاربة الحرية الفردية والاجتماعية والسياسية والدفاع
«عن القيم الإسلامية»، أي كل ما يمثل تقاليد الاستبداد والثقافة السلفية. وفي هذا أيضا
يكمن سرّ الالتقاء التاريخي بين «الأنظمة التيوقراطية» و«الأنظمة العلمانية» في دعم
الأصوليات أو محاربتها.
إن
اضمحلال وتلاشي الفرق والخلاف بين «الأنظمة العلمانية» و«الأنظمة التيوقراطية»، ومن
ثم تلاشي الخلاف الجوهري بين فكرة التيوقراطية والعلمانية في «النخب السياسية» العربية،
يعبر أساسا عن واقع استفحال القيم التقليدية واندماجها «الطبيعي» في منظومة الاستبداد
التي وجدت في التوتاليتارية الدينية والدنيوية ملاذها الأخير. وهي توتاليتارية جعلت
من الإرهاب الشامل للسلطة وسحق المجتمع المدني وفكرة الشرعية المرتع الفعلي للسلفيات
الجديدة وإرهابها «المقدس». إذ لم يكن هناك من مقدس للاستبداد السلطوي غير السلطة.
من هنا تسابقها مع السلفيات الإسلامية المعاصرة في الدفاع عن «المقدس». ومن ثم إعادة
إنتاج الحنبلية الجديدة التي تجعل من الإرهاب حربها المقدسة الجديدة ضد كل بديل يهدف
إلى بناء الدولة الشرعية والنظام الديمقراطي السياسي والمجتمع المدني والثقافة العقلانية.
إن
هذا التضافر التاريخي بين مكونات ومقومات متضادة في الفكر والممارسة السياسية يشير
إلى عمق الخلل البنيوي في طبيعة الدولة والنظام السياسي والثقافة. وهو خلل يتناغم مع
خلل الأوزان الداخلية في كل شيء. وفي ظل ظروف كهذه يصبح الإرهاب ثمرة حلوة كما كانت
الحرية هي الثمرة الحلوة لصعود القوى الاجتماعية الحية والفكرة التنويرية والعقل الحر.
ذلك
يعني، إن تحول الإرهاب إلى «عقيدة مقدسة» هو بحد ذاته مؤشر على نوعية الهبوط الشامل
في الوعي النظري والعملي. كما انه يشير إلى طبيعة الأزمة البنيوية التي يعاني منها
المجتمع والدولة والثقافة، أي الصيغة الأكثر تجريدا للانحطاط الثقافي.
فالانحطاط
الثقافي هو الحاضنة الفعلية للتطرف والغلو. والقضية هنا ليست فقط في أنه يمد الوعي
السطحي بكل الصيغ والرموز السهلة للهضم السريع للعوام، بل ولما فيه من «طاقة» على شحذ
أوهام الحثالة الاجتماعية وأنصاف المتعلمين بروح العنف والتخريب. وفي هذا يكمن سر القدرة
الفائقة والاستعداد الأكبر من جانب الحركات السلفية المشددة على ابتذال قيم الاعتدال
العقلانية. ويكشف هذا الابتذال عن ضعف الثقافة العقلانية واضمحلال أو غياب الذهنية
النقدية، أي كل ما تشترك به وتتسابق الأنظمة السياسية العربية والسلفيات المتطرفة.
ومن فعل هذين المصدرين تتراكم قيم الحنبليات الجديدة بوصفها التجسيد العملي لجنون
«الإرهاب المقدس»، الذي اخذ يتطابق مع ما يسمى «بالإرهاب العالمي».
فعندما
ننظر إلى ظاهرة الإرهاب المتنامية في العالم العربي المعاصر، فإننا نرى تراكم ثلاث
طبقات تاريخية أدت، على خلفية الأزمة الشاملة للدولة العربية الحديثة وفشل مشروعها
التنموي والتحديثي، إلى «تكامل» السلفية الإسلامية الإرهابية بوصفها الرد المشوه على
إرهاب الاستبداد «العلماني» و«التيوقراطي».
إن
الخلل التاريخي الذي أدى إلى صعود وانتشار وهيمنة الفكرة السلفية المتشددة في
"الوسط الإسلامي" يكشف أولا وقبل كل شيء عن عدم تكامل بنية الوعي الذاتي
العربي، والذي برز بوضوح في ثلاثة أشكال مختلفة يكمل أحدها الأخر في مجرى تاريخه الحديث.
الأول وهو صعوبة بناء الدولة العصرية والتحديث، والثاني في سهولة انجراره وراء صراع
المصالح والعقائد الذي ميز اغلب تاريخ الحرب الباردة (اغلب القرن العشرين)، وأخيرا
انقباضه الذاتي واستعصاء قدرته على التحول صوب الديمقراطية والإصلاح البنيوي الشامل
بعد انهيار المواجهة التاريخية للمعسكرين (الاشتراكي والرأسمالي).
إن
صعود «القاعدة» الوهابية يشير من الناحية الرمزية إلى صعود قاعدة واحدة في التفكير
والعمل، أي إلى توتاليتارية إسلامية جديدة على النطاق العالمي. وليس مصادفة أن تكون
القاعدة في «القاعدة» هو غلبة اللاعقلانية وتميزها "الفريد" في جعل الإرهاب
العشوائي والمنظم «جهادا مقدسا» ضد الجميع!
إن
هذا التمركز «الروحي» للسلفية (التوتاليتارية) الإسلامية الجديدة هو الاستعادة العصرية
"لروح" الوهابية الميت. وفيه يمكن رؤية واقع العالم العربي وفاعلية الإرث
التقليدي للحنبلية. فقد عاش العالم العربي (والمشرق منه بشكل خاص) قرنا من الزمن فقط،
أي زمن بلا تاريخ منذ أن ظهر للمرة الأولى بهيئته الجديدة من تحت أنقاض السلطنة العثمانية.
إن الواقع المذكور أعلاه هو المرتع الذي يجعل من السلفيات الإسلامية الإرهابية القوة
الأكثر عنفا ونشاطا وحيوية فيه. كما انه السبب الذي جعل ويجعل من الصعود السهل للسلفيات
الحنبلية وذروتها في الوهابية أمرا مقبولا في الوسط الجماهيري «الإسلامي». وذلك لفقدان
الدولة والسلطة والمجتمع مقومات وأسس وجودهم الذاتي ووعيهم القومي التاريخي.
إن
بلوغ الحركات الإسلامية الراديكالية ذروتها في السلفية الوهابية الجديدة هو مؤشر على
ما يمكن دعوته بختم الولاية الإرهابية في التاريخ العربي المعاصر. بمعنى تراكم الذهنية
والنفسية الراديكالية في نموذج ديني توتاليتاري جمع في ذاته كل النتاج اللاعقلاني للقرن
العشرين في العالم العربي. وبما انه قرن التفريغ الشامل للبدائل العقلانية، من هنا
فراغ البدائل الإسلامية بشكل عام والوهابية بشكل خاص من أية رؤية إستراتيجية باستثناء
إستراتيجية الإرهاب بوصفه أسلوب «الشهادة الحية» للأموات. ولا تصنع هذه الحالة في نهاية
المطاف غير ترميم جزئي لتوتاليتارية دينية إرهابية ميتة. وفيها يمكن رؤية خاتمة الإرهاب
السلفي المتشدد، كما هو جلي في المسار التاريخي للغلو السلفي من حركات جزئية ومتناثرة
إلى "قاعدة" (أفغانية - عالمية) إلى "دولة إسلامية" (عراقية شامية
-عالمية).
بمعنى
انه يشهق النفس الأخير أمام "الحياة الآخرة" في مرحلة الانتقال التاريخية
الكبرى والقاسية لنفي المرحلة الدينية السياسية، والانتقال منها إلى مرحلة الوعي السياسي
الاقتصادي والفكرة القومية الحديثة. بعبارة أخرى، إننا نقف أمام موت الإسلام اللاهوتي
وبداية الزوال الفعلي للإسلام السياسي.
***
*** ***