جاري تحميل ... مدونة عطا ابو رزق

إعلان الرئيسية

أخر الموضوعات

إعلان في أعلي التدوينة

مقالات

الشيوعيون و قضية فلسطين



    غسان صمودي 


إن كشف لينين عن طبيعة الصهيونية، و إدانتها منذ البداية كحركة رجعية و منظمة شوفينية للبرجوازية
اليهودية، و أداة للإمبريالية، ارتبطت و واكبت حركة الاستعمار الكولونيالي و الإمبريالي منذ أواخر القرن التاسع عشر يبين لنا موقف الشيوعيين من الصهيونية، إذ هي بالأساس نزعة عنصرية و شوفينية. و قد أصبحت في عصرنا، واجهة الاستعمار الجديد و سلاحه المفضل في ضرب القوى الثورية، و قاعدته الرئيسية في العدوان على الشعوب العربية و في التسلل إلى الدول النامية في آسيا و إفريقيا.

لكن حقيقة المشروع الصهيوني و طبيعته الإمبريالية العدوانية أخفيت بمهارة وراء الأهداف الإنسانية و الاشتراكية الكاذبة، و باستغلال آلام اليهود و المذابح و الاضطهادات العنصرية التي تعرضوا لها ، خاصة في شرق أوروبا في القرن الثامن عشر و أوائل القرن الماضي و بصفة خاصة على أيدي النازيين.
و نجح القادة الصهيونيون و الرأسماليون اليهود المرتبطين بالاحتكارات الإمبريالية في شد قطاعات من جماهير اليهود المعدمة و الفقيرة و جلب البرجوازية الصغيرة إلى عجلة أغراضهم الاستعمارية الكولونيالية. و أضفت إيديولوجية "الرواد" الصهيونيون الأول في فلسطين على المشروع الصهيوني منذ القرن التاسع عشر طابعا تقدميا زائفا، بخيالاتها و أحلامها في الخلاص و الاشتراكية البرجوازية الصغيرة الممتزجة بمفاهيم القومية الرجعية الشوفينية.
و قد نشأ مشروع الوطن القومي اليهودي و الدولة اليهودية الصهيونية في القرن التاسع عشر في ارتباط بكل مشروعات الاستيطان الأوروبي الكولونيالي في تلك الفترة التاريخية. و "هيرتزل" لا يخفي هذه الحقيقة في كتابه "الدولة اليهودية" و في حركته السياسية قبل و بعد المؤتمر الصهيوني المنعقد في "بال" عام 1897. و قد عقد القادة الصهيونيون أوثق العلاقات بقادة الاستيطان العنصري الأوروبي من أمثال "سيسل رودس" بجنوب إفريقيا و بالدوائر الاستعمارية الألمانية و البريطانية و الفرنسية و العثمانية في أوروبا.
لفد تظافرت الجهود الصهيونية و الإمبريالية لإخفاء هذه السمة الأساسية للمشروع الصهيوني، و إضفاء طابع الحركة القومية، و التطلعات القومية المشروعة و الطابا الإنساني على الهجرة اليهودية إلى فلسطين. و لكن قيام المشروع على إجلاء السكان الأصليين الفلسطينيين و طردهم بالقوة و اغتصاب الأرض بالتعاون مع المستعمرين البريطانيين و الإقطاعيين العرب، و خلق المجتمع اليهودي المنعزل على أنقاض المجتمع الفلسطيني، كل ذلك فضح الدعاوي القومية الكاذبة، التي لم تكن تنتمي بحال إلى حركة القومية الثورية في أوروبا في القرن الماضي، بل كانت و لا تزال جزءا لا يتجزأ من القومية الشوفينية الرجعية للطبقات الاحتكارية الإمبريالية و التي تدفعها أهداف القهر و الاستعباد القومي و العنصري لشعوب الشرق.
و حاولت الصهيونية تصوير حرب 1948 على أنها حرب وطنية تحريرية، خاضها "الشعب اليهودي" ضد الوجود البريطاني و التهديد العربي، لكن حرب 1948 لم تكن حربا بين قوميتين أو أمتين، بل عدوانا إمبرياليا تم بالتواطؤ بين الاستعمار و الصهيونية و الرجعية العربية، استهدف حركة الشعب الفلسطيني الوطنية و حركة التحرر الوطني العربية عامة. أما المصالح الحقيقية للعرب و اليهود في فلسطين، فقد تمت التضحية بها على مذبح المصالح الإمبريالية الصهيونية.
و لم تكن أعمال العنف و القتال التي قامت بها العصابات الصهيونية الإرهابية ضد البريطانيين حربا وطنية أو تحريرية في حقيقتها، بل تناقضات في صفوف العدو بين الصهيونية و الامبرياليين البريطانيين، و بين الاستعمار البريطاني و الوافد الأمريكي الجديد. كانت إرهابا يستهدف في الأساس العدوان على الشعب العربي في فلسطين و على حقوقه الوطنية المشروعة و ضرب الحركة الوطنية التحريرية. كان الهدف هو غرس المشروع الصهيوني و إقامة الدولة الصهيونية بقوة السلاح و القهر.
و السياسة التي انتهجتها الدوائر الصهيونية الحاكمة في اسرائيل منذ قيام الدولة، تكشف بوضوح عن هذه الطبيعة العدوانية الإمبريالية العنصرية للدولة. فبرغم كل مقررات هيئة الأمم و المنظمات الدولية، و كل جهود قوى التحرر و السلام، ظل العدوان على حقوق الشعب الفلسطيني، و ملاحقته و طرده و إبادته يمثل سياسة ثابتة. و ظل التوسع و العدوان على الشعوب العربية المحيطة و محاولة الإلحاق للأراضي هو السياسة الثابتة للدولة. و تلك هي خبرة اعتداءات 1955 و عدوان 1956 ثم 1967 ، و السلسلة الطويلة من أعمال "الزجر و التأديب" ضد الشعوب العربية، و أبرزها سوريا تحت دعاوي الأمن.
إن المهمة الأساسية للقوى الوطنية العربية و قوى الثورة العالمية هي التصدي لتلك الطبقة الإمبريالية العنصرية و تعريتها و النضال لاقتلاع جذور المؤسسة الصهيونية. بالنضال ضد عدوانية إسرائيل و مطامع الصهيونية جزء لا يتجزأ من النضال ضد الاستعمار العالمي. و نضال الشعب الفلسطيني العادل و المشروع هو جزء من حركة التحرر الوطني العربية و العالمية. و من حق الشعب الفلسطيني أن يستخدم مختلف وسائل النضال و المقاومة الشعبية بما في ذلك الكفاح المسلح و العمل الفدائي ضد العدو الاستعماري الصهيوني و الرجعية العربية المتحالفة معه. إن كل القوى الثورية و التقدمية مطالبة بالمشاركة في الكفاح المسلح جنبا إلى جنب مع قوات المقاومة الفلسطينية التقدمية.
إن تأييد المقاومة الفلسطينية المسلحة و دعمها ماديا و معنويا و حمايتها ضد مؤامرات التصفية هي مهمة كل القوى الثورية في البلدان العربية و على النطاق العالمي. و في طليعة هذه القوى الحركة الشيوعية العالمية و البلدان الاشتراكية.
إن وحدة القوى الثورية العربية و كل القوى المعادية للإمبريالية هو شرط ضروري للنضال الظافر ضد إسرائيل.
و النضال ضد الصهيونية يرتبط إرتباطا عضويا بالنضال ضد القوى و الأنظمة العربية الرجعية الموالية للإمبريالية.
النضال من أجل إطلاق مبادرات الجماهير الشعبية و حريات التعبير و التنظيم و كفالة الديمقراطية للجماهير الشعبية الكادحة و حقها في تشكيل اللجان الوطنية بمختلف وظائفها من الدفاع المدني و التعبئة السياسية حتى الكفاح المسلح.
و على الأحزاب الشيوعية في البلدان العربية مهمة ملحة، التكتل في جبهات ثورية من أجل الوحدة و النضال ضد أنظمة الرجعية العربية و الوصول إلى السلطة و تكريس نظام اشتراكي معادي للنظام الرأسمالي. مهمة ملحة على عاتق كافة القوى الثورية المحلية و العالمية، الإعداد للثورة. و القوة الأساسية التي ستقود بالضرورة هذه الثورة، تحالف العمال و الفلاحين. إن ضمان تحقيق هذه المرحلة تتوقف على تدعيم هذا التحالف و توطيده. و تلعب الطبقة العاملة دورا قياديا في هذا التحالف، و يقود الطبقة العاملة حزبها الطبقي المعبر الحقيقي عن مصالحها المسترشد بالتعاليم الماركسية اللينينية الخلاقة.
و في تونس، الطبقة العاملة مؤهلة تماما للاضطلاع بالدور الطليعي في النضال الثوري لاستكمال مهام الثورة الوطنية الديمقراطية باعتبارها الطريق المؤدي إلى الثورة الاشتراكية، و بذلك تعرية النظام الصهيوني و الدولة العنصرية و فضحها، من أجل محاصرة النظام الاستيطاني و دحره. هذه الاستراتيجية الثورية هي التي تخدم قضية التحرر و السلام العالمي.
عن الحوار المتمدن
الوسوم:
يتم التشغيل بواسطة Blogger.

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *