مقالات
الديمقراطية المنفلشة والمركزية الصارمة
الكاتب : عطا أبورزق
أحد
السمات التي كانت تميز قوى اليسار أينما تواجدوا، والشيوعيون على وجه التحديد هو قوة
التنظيم ووحدة الإرادة والعمل، لكن واقع الحال اليوم يقول غير ذلك، فقد باتت
الفوضى والانفلاش التنظيمي هي السمة البارزة في احزابهم، لدرجة أن أصبح عناصر
التنظيمات اليسارية يشعرون بأنهم في واد وقيادتهم في واد أخر، وكل الامتيازات
تحصدها النخبة في قيادة التنظيم، وكأنهم على رأي غوار في "حارة كل من إيدو
إلو ".
وتبرر بعض القيادات هذه الفوضى والانفلاش بالميل
نحو الديمقراطية الواسعة التي تتيح للجميع القول والفعل كيفما يرتأون، وذلك هروباً
من المركزية الصارمة التي كانت تبيح لرأس الهرم الحزبي التفرد في صناعة القرار ،،
وفي هذا الإطار يبرز السؤال الكبير والذي يحتاج فعلاً إلى إجابة واضحة وصريحه من
كل من هو معنى بالخروج من عنق الزجاجة وكي لا نبقى كمن يرى الذئب ويقص على أثره ،
ونتسائل كيف السبيل للخروج من أزمة اليسار؟ والسؤال هو : هل ما آلت إليه التنظيمات
من حالة واضحة من الفوضى ، بحيث لا يدرك معظم أعضاء التنظيمات إن كانوا ما يزالون
في أحزابهم أم لا، ساهم في دمقرططة هذه الاحزاب، ووفر فعلاً الفرص لغير نخبة الصف
الأول بالمشاركة الفاعلة في صناعة القرار؟، وهل استحدثت طرق ووسائل غير التي كانت
تستخدم في زمن المركزية الصارمة لإيصال رأي أعضاء الاحزاب في المنظمات القاعدية
والوسطية لقيادة التنظيم كي يتم الأخذ بها؟، وهل يؤخذ برأيهم في مركز القيادة أم
لا؟، وهل يوجد في سياق هذا الانفتاح "الديمقراطية المنفلشة" فهم واضح
لأعضاء هذه الاحزاب حول برامجها ومواقفها السياسية والاجتماعية؟.
إن
تماسك التنظيم، وتفعيل وحدة الإرادة والعمل سمة من سمات القوة للأحزاب، ولا تشكل
نقيضاً أو حاجزاً أمام تفعيل الديمقراطية الحقيقية داخل التنظيمات. ولم تمثل
الديمقراطية المنفلشة كما في الاحزاب الليبرالية، ولا المركزية الصارمة كما في
الاحزاب الفاشية قوة وتماسك وفاعلية لأي تنظيم حزبي يساري.