مقالات
حوار هادئ حول قنبلة الرواتب والتصريحات المساندة لها
بقلم
: أ. عطا ابو رزق
من
تابع تصريحات مسئولي حماس وردات فعلهم على عدم صرف رواتب موظفي حكومتهم السابقة
يدرك بكل يقين بأن
أجواء الانقسام التي تغنوا بمغادرتها خلال الأيام التي تلت إعلان الشاطئ مازالت غير صافيه، وتتلبد فيها كثير من الغيوم السوداء، وتسكن في جنباتها عواصف إذا ما فتحت لها طاقة ولو بسيطة سوف تنطلق ممزقة كل خيوط الأمل التي زرعت في نفوس المتعطشين للوحدة وإزاحة كابوس الانقسام عن صدورهم.
أجواء الانقسام التي تغنوا بمغادرتها خلال الأيام التي تلت إعلان الشاطئ مازالت غير صافيه، وتتلبد فيها كثير من الغيوم السوداء، وتسكن في جنباتها عواصف إذا ما فتحت لها طاقة ولو بسيطة سوف تنطلق ممزقة كل خيوط الأمل التي زرعت في نفوس المتعطشين للوحدة وإزاحة كابوس الانقسام عن صدورهم.
ليس
وحدهم المتابعين للشأن السياسي فقط من يعرفون بان حماس شاركت في أدق تفاصيل تشكيل حكومة التكنوقراط التوافقية، وابن
الشارع العادي أيضاً تابع وبكل شغف كل إرهاصات هذا التشكيل وحركة عزام الأحمد في
قدومه وذهابه من غزة إلى رام الله كي يتمم انجاز الاتفاق على تشكيلة الحكومة،
والجميع يعلم أيضاً بانه رغم أن هذه الحكومة ليست حكومة سياسية وغير مشكلة من قبل
سياسيين معروف انتمائهم للأحزاب والتنظيمات السياسية التي باركت اتفاق الشاطئ ،
إلا أنها لم تخلوا من وزراء تم ترشيحهم من قبل الفصيلين فتح و حماس، وبعض القوى
السياسية الأخرى، وقد لا أكون مبالغاً إذا
ما قلت بأن حماس بجانب موافقتها ومشاركتها الفاعلة في اختيار كل الاسماء التي كانت
مرشحة للحكومة فإنها قد رشحت من جانبها عدد ليس قليل من الوزراء وقد يكونوا قد
تجاوزوا ثلثها، لذلك فهي حكومة لا تمثل طرف بعينه وليست امتداداً لحكومة رام الله
كما حاول البعض وصفها، إضافة لذلك فإن حماس تعلم جيداً بأن حجم الأعباء الملقاة
على عاتق هذه الحكومة ليست بالأمر السهل والهين، وأنها مازالت في حالة استلام
وتسلم للوزارات المختلفة سواء كانت في الضفة الغربية أو قطاع غزة، عدا عن ذلك أن
هذه الحكومة لم تبدأ بعد في إعداد قائمة الرواتب لأي موظف سواء كانوا من الموظفين
التابعين لحكومة رام الله سابقاً أو من موظفي الحكومة المقالة في غزة، ومن
البديهيات أن كل موظف وكل مسئول يعلم علم اليقين بأن كشوف الرواتب يتم إعدادها قبل
أكثر من خمسة عشر يوماً من موعد صرف الرواتب وليس قبل يوم أو يومين، لذلك فإن كشوف الرواتب لموظفي حكومة رام الله
لهذا الشهر تم إعدادها من قبل الحكومة السابقة ، مما كان يتوجب على حكومة السيد
هنية أن تؤمن لموظفيها رواتب الشهر الماضي والأشهر التي سبقت، ،لا أن تقذف بها في
وجه حكومة تعلم جيداً انها لم تضطلع بعد على أي شيء بما يتعلق بعملها بما فيها
كشوف موظفيها. ولم يكن هناك ما يدعو أن يطلق مسؤولي حماس وهيئاتهم المختلفة من
نقابتهم الخاصة بالموظفين أو كتلة التغير والإصلاح أو غيرها التصريحات الإعلامية
الملتبسة والمضلله التي تحمل في طياتها تحميل الحكومة الحالية مسئولية عدم صرف
رواتب موظفيهم ومن جانب أخر تشير كما ورد في تصرح موسى ابو مرزوق عبر فضائية
الأقصى بأن دولة قطر ممثلة بأميرها الشيخ تميم بن حمد استعدت لدفع رواتب موظفي
حماس لهذا الشهر.
إضافة
إلى كل ما تقدم فإن ما قام به جهاز الشرطة من منع للموظفين من صرف رواتبهم
وتفريقهم بالقوة المفرطة من امام البنوك أعادت إلى الأذهان مباشرة مشاهد الوحشية
التي اتسمت بها شرطة حماس خلال فترة الانقسام الماضية، والذي يحاول المواطن الغزي
النظر إليها على أنها فعل من الماضي يسعى بكل طاقته أن يتناساها وأن لا يعود لأن
يتذكرها، وأننا في غزة مازلنا أمام
حكومتين وليس حكومة متوافق عليها تمثل الجميع . وان جهاز الشرطة في غزة مازال
يتلقى تعليماته من قادته الحزبيين. وامام
هذا الواقع فهناك أسئلة كبيرة تطرح أمام الجميع بحاجة إلى استيضاح ونقاش : هل ما
قامت به شرطة الحكومة المقالة والمدعوم بالتصريحات المساندة هي بمثابة قنبلة حاولت
حماس أن تقذفها في وجه الجميع بما فيهم الرئيس ابو مازن وحكومة التوافق
التكنوقراطية مستبقة اللجان المختصة لمعالجة هذا الأمر قبل تشكلها والبت في الأمر
حسب القوانين الفلسطينية، وبالتالي تثبيت واقع عليهم التعامل معه. وهل جهاز شرطة مازال ولاء قادته للحركة التي
اسسته يقوم بفعل يتجاوز فيه كل الأعراف والقوانين العسكرية والقيم الإنسانية يمكن
له أن يصون اتفاق المصالحة ويعمل على تعزيزه وأن يحافظ على النظام والقانون وعلى
عدم العودة لحالة الفوضى والفلتان الأمني، التي تعهدت به كل قيادات حماس دون
استثناء؟؟. وكيف يمكن لوزير الداخلية إذا ما بقي الحال على ما هو عليه أن يحاسب أي
قائد أو عنصر من عناصر الشرطة إذا ما تجاوز القانون وانتهك حقوق الناس في غزة؟؟؟.
ومتى سيتم إعادة صياغة الأجهزة الأمنية بما فيها جهاز الشرطة كي يكون ولائها الأول
والأخير للوطن وللحفاظ على النظام والقانون، وليس للحزب أو الحركة؟؟؟.
قد
لا يختلف اثنان بأن الكارهين للمصالحة ممن تضررت مصالحهم ليسوا أقل تأثيراً من
الراغبين بها والداعمين لها ، لهذا فإن ما حدث يجب اعتباره ناقوس خطر دُق في بداية
مشوار المصالحة، وإن لم يتنبه المسئولين جميعاً المدركين لأهمية المصالحة
والعاملين على اتمامها بشكل جيد للألغام التي تعترض طريق المصالحة والتي قد تكون
بفعل ورسم الكارهين لها النافخين في نيرانها لزيادة اشتعالها، العمل على معالجتها
بكل سرعة وجديه، دون اللجوء إلى إطلاق التصريحات التي من شانها تسميم الأجواء
واتاحة الفرصة لكل العابثين والكارهين للانقضاض على ما يتم انجازه في هذا الطريق.
إضافة لذلك فإن حالة الشك وعدم الثقة مازالت المسيطرة على الكثيرين من ابناء شعبنا
عدا عن ابناء حركتي فتح وحماس، فمازال الكثيرين ممن هم خارج حماس يتشككون في نوايا
حماس تجاه المصالحة، ويعتقدون بأن حماس لم تقدم على هذه الخطوة إلا مرغمة، وأن
الطروف المحيطة بمنطقتنا التي استجدت بعد ما سمي بالربيع العربي، والتي ادت إلى سقوط
الاخوان في مصر وفشلهم وتراجعهم في تونس وليبيا وسوريا دفعت حماس للهرولة باتجاه
المصالحة، وأنها لن تكون مصالحة أبدية ، وفقط تنتظر تغير ما في المحيط وتعود إلى
صورتها الأولى، إضافة إلى سعيها الدؤوب للوصول إلى منظمة التحرير والسيطرة عليها،
وما المسألة إلا مسألة وقت فقط ليس إلا. وأيضاً لدى الكثيرين من حماس اعتقاد بان ابو
مازن فشل في مفاوضاته مع اسرائيل ولم يستطع الحصول على ما وعده به الأمريكان من
دولة، ولذلك فإنه لجأ للمصالحة لتقوية موقفه، وتحسين شروطه . لهذا يتوجب على
الجميع من شرفاء هذا الوطن أن يحرسوا اتفاق المصالحة ويحموه بكل ما أوتوا من قوة
كي لا نرتد مرة أخرى قد تكون نتائجها كارثية أكبر بعشرات المرات عن المرة السابقة.