جاري تحميل ... مدونة عطا ابو رزق

إعلان الرئيسية

أخر الموضوعات

إعلان في أعلي التدوينة

أبحاث

الدين/الماركسية - نحو منظور جديد للعلاقة من اجل مجتمع بلا ارهاب- الجزء الخامس



    محمد الحنفي

    عمومية المنهج و خصوصية التطبيق الماركسي (2) :
    و انطلاقا من هذا التلازم بين المنهج الماركسي العام، و المنهج الماركسي الخاص، نجد أن التجربة اللينينية-السوفياتية،
الخاصة أضافت الكثير إلى التجربة الماركسية العامة التي أثبتت أن اهتمام المنهج الماركسي العام بالواقع الخاص. و اعتماد خصوصيات ذلك الواقع في التحليل، و في الاستنتاج، و في التخطيط و في التنفيذ لابد أن يقود إلى قيام الحركة الماركسية بتحقيق أهدافها في واقع معين، و نفس الشيء يمكن قوله في التجربة الماوية الصينية التي تعاملت مع واقع مختلف جملة و تفصيلا عن الواقع
السوفياتي الذي تعامل معه لينين، و حققت بسبب ذلك نتائج مذهلة، دون أن تكون قد عملت على تحريف الماركسية عن مسارها العام. و يمكننا القول بأن الأمر كذلك بالنسبة للتجربة الكوبية و التجربة الفيتنامية، و التجربة الكورية الشمالية باعتبارها تجارب خاصة استحضر فيها الماركسيون خصوصيات كل واقع على حدة. لأن الماركسية و المنهج الماركسي، ليس وحيا، انهما ينبعان من الواقع العام، و إفراز للواقع الخاص إذا لم يتم تحريف الماركسية عن مسارها الصحيح الذي هو الضمانة الأساسية لنجاح كل حركة ماركسية في التحليل و الاستنتاج و البرمجة و التنفيذ وصولا إلى تحقيق الأهداف المرسومة. و يمكن أن تكون كل تجربة كذلك في أي مكان من العالم إذا تم تطور في المعارف الإنسانية المختلفة و خاصة المعارف العلمية الدقيقة، و التقنية بمناهجها المحكمة، و انطلاقا كذلك من التطور الحاصل في النظام الرأسمالي العالمي الذي استفاد كثيرا من مناهج التطور العلمي و التقني في جعل نتائج البحث العلمي و التقني في خدمة التراكم الرأسمالي العالمي، و في خدمة ذلك التراكم من جهة، و في خدمة النظام الرأسمالي العالمي من جهة أخرى عن طريق تطوير آليات السيطرة الرأسمالية على جميع المستويات المحلية، و الجهوية، و العالمية و في جميع المجالات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية. فالتحريف الذي ساد في العديد من أماكن العالم و الذي استهدف المنهج الماركسي الحقيقي، كلف الأنظمة الماركسية، و الحركة الماركسية العالمية و المحلية الكثير من الخسائر إن لم نقل أرجعها إلى نقطة الصفر، و هو ما يعني إضافة مسؤولية جديدة إلى الماركسيين الحقيقيين، و هي ضرورة العمل على الكشف عن كل أشكال التحريف التي لحقت المنهج الماركسي و العمل على نفيها و تطهير المنهج الماركسي منها، حتى يصير قادرا على مواجهة كل التحديات القائمة في الواقع المحلي، و العالمي.
    و في حالة الوصول إلى تحقيق المنهج الماركسي العلمي الدقيق عن طريق طرح كل أشكال التحريف منه : فكيف تعامل هذا المنهج مع الديانات القائمة في بلد معين ؟
    إن إشارتنا إلى ضرورة اعتماد المنهج الماركسي خصائص واقع معين، و اعتبارها في تحليل الواقع العيني من اجل اكتشاف قوانينه كما هي، و هي قوانين يجب اعتمادها في فهم الواقع. كنا نهدف من ورائها إلى ضرورة اعتبار خصائص الشعوب في التحليل الماركسي. لأن التحريف الذي لحق المنهج الماركسي حول هذا المنهج إلى مجرد قوالب جاهزة، و بالتالي، فجميع الشعوب يجب أن تخضع لنفس التحليل المقولب، و القاضي بعدم اعتبار خصائص الشعوب التي يعتبر من بينها شيوع معتقدات دينية معينة في الشعب، لأن عدم اخذ تلك المعتقدات الدينية بعين الاعتبار لا يمكن أن يعني إلا محاربة للمنطلقات المثالية أنى كان مصدرها، مع العلم أن المعتقدات الدينية هي عبارة عن مجموعة من القيم الشائعة بين الناس باسم دين معين يجعلهم يتوحدون حول تلك القيم، و يرتبطون فيما بينهم فتتشكل منهم قوة اجتماعية متماسكة، و القوة الاجتماعية المتماسكة لا يمكن أن تعتبر من وجهة نظر المنهج الماركسي الحقيقي إلا قوة مادية قائمة في الواقع ما دام حاملوا تلك المعتقدات لم يحولوا معتقداتهم إلى توجه إيديولوجي معين، أو إلى مجموعة من التوجهات الإيديولوجية بصيرورتها ممارسة إيديولوجية معبرة عن مصالح طبقية معينة تستغل المعتقدات الدينية في خدمة تلك المصالح. أما إذا بقيت مجرد معتقدات لا علاقة لها بالتغييرات الإيديولوجية المختلفة فلا ضرر منها بالنسبة للمنهج الماركسي الذي عليه أن يحترمها، و أن يعتبرها وسيلة لتعبئة الناس و حشدهم وراء الحركة الماركسية و معها من اجل تحقيق الأهداف الماركسية المعبرة عن مصالح الكادحين و طليعتهم الطبقة العاملة مهما كانت معتقداتهم أو لا معتقد لهم.
    و لذلك نجد أنه من الضروري أن يميز الماركسيون في تعاملهم مع واقع معين بين مستويين من المعتقدات : المعتقدات الموظفة إيديولوجيا، و التي تقوم تيارات سياسية معينة بأدلجتها و التي تدخل في صراع إيديولوجي مع الماركسية باعتبارها الإيديولوجية العلمية المعبرة عن مصالح الطبقة العاملة و حلفائها. فهذه الإيديولوجيات الدينية يجب إخضاعها للتحليل الماركسي، و العمل على الوقوف على الشروط الموضوعية المؤدية إلى إفرازها في واقع معين، و ما هو العمل الذي يجب إنجازه للوصول إلى جعل أفراد الشعب ينبذون الإيديولوجية الموظفة لمعتقد ديني معين او مجموعة من المعتقدات، و مقاومة حاملي تلك الإيديولوجية و التمييز بينها، و بين حقيقة المعتقدات الشعبية الحاملة للقيم التي يسعى أفراد الشعب إلى التحلي بها.
    فهذه الإيديولوجيات الموظفة للمعتقدات هي التي يجب أن يقف عليها الماركسيون، و يميزون بينها، و بين المعتقدات الشعبية التي لا علاقة لها بالإيديولوجية حتى في إطار المعتقد الواحد المؤدلج و الذي يجب العمل على تطهيره من الإيديولوجية التي تقود إلى الكثير من الكوارث التي تعرض مصير البشرية إلى الخراب، و يجب على الماركسيين احترام المعتقدات الشعبية التي لا علاقة لها بالإيديولوجية، و استغلال التماسك الذي يحدثه بقيمها بين أفراد المجتمع لصالح إشاعة الفكر الماركسي بين الكادحين، و لصالح التفاف الماركسيين بمعتقداتهم المختلفة حول الحركة الماركسية.
    و لذلك فموقف المنهج الماركسي تجاه المعتقدات الشعبية يجب أن يتخذ بعدين :
    1) بعد المواجهة بين الماركسية و بين الإيديولوجيات الموظفة للمعتقدات.
    2) بعد الاحتواء الذي يستهدف المعتقدات غير المؤدلجة و التي تشكل قوة مادية لصالح المجتمع باعتبارها مصدرا للقيم التي تقرها الماركسية و تعتمدها في رص صفوف الكادحين و طليعتهم الطبقة العاملة، لصالح خوضهم للنضال المطلبي الذي يقوده الماركسيون، و لصالح العمل على تحقيق الحرية و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية.
    و تبعا للطريقة التي يجب اعتمادها في تعامل المنهج الماركسي مع المعتقدات، نجد أنفسنا وجها لوجه مع السؤال : كيف يتعامل المنهج الماركسي مع الثقافات المتنوعة و المختلفة في بلد معين ؟
    إن الثقافة باعتبارها مجموع القيم التي يتحلى بها شعب معين في بلد معين يفترض فيها أن تلعب دورا موحدا لذلك الشعب، و عاملا على استمراره قويا بين الشعوب إلا أن هذه الثقافة قد تصير غير ذلك فتقف وراء تقسيم الشعب إلى مجموعات من الطوائف التي تتصارع فيما بينها بسبب اللون، أو العرق، أو الدين أو اللغة أو غير ذلك مما يمكن أن تشيعه ثقافة طائفية معينة.
    و انطلاقا من هذا التنوع الثقافي فإن الماركسيين أثناء توظيفهم للمنهج الماركسي، عليهم أن يميزوا بين ثلاثة أنواع من الثقافة :
    1) الثقافة الشعبية الحاملة لقيم الاخوة و التضامن و التعاون و التواصل بين كادحي المجتمع. و هذه الثقافة يجب أن تحترم، و أن تحتضن من قبل الماركسيين لدورها في تحقيق وحدة الكادحين.
    2) الثقافة التي تؤدي إلى تمزيق المجتمع و جعله غير قادر على مواجهة التحديات، و إدخاله في عملية التناحر بين طوائفه المختلفة القائمة على أساس عرقي أو لغوي، أو ديني، أو على أساس اللون، و هو ما يعني ان المجتمع الطائفي سيتراجع كثيرا إلى الوراء و سيصير اكثر تخلفا.
    3) الثقافة الإيديولوجية الخاصة بكل طبقة على حدة و التي يجب أن نقف من خلالها على ثقافة الطبقات الاستغلالية كالثقافة الإقطاعية، و الثقافة البورجوازية التابعة و الثقافة البورجوازية الصغرى.
    و هذان النوعان من الثقافة التي تؤدي إلى تمزيق الشعب و إدخال طوائفه في صراع غير مشروع و إخضاعه لقبول الاستغلال الممارس عليه عن طريق التضليل الثقافي يجب على الماركسيين أن يوظفوا المنهج الماركسي من اجل تشريحهما و بيان خطورتهما على مستقبل الشعوب و تعبئة الناس لنبذهما في أفق القضاء نهائيا على القيم الثقافية الطائفية و القيم الاستغلالية.
    و في المقابل يقوم الماركسيون و بواسطة توظيف المنهج الماركسي بالعمل على إشاعة كل ما هو إيجابي في الثقافة الشعبية، و إشاعة الثقافة العمالية و ثقافة الكادحين التي تعمل على إشاعة ثقافة مقاومة القهر الاجتماعي، و مقاومة الاستغلال الطبقي، و مقاومة كل ما يسيء إلى الكادحين في المجتمع، و إشاعة ثقافة الوحدة و التضامن الطبقيين بين سائر كادحي المجتمع أثناء القيام بعملية التوعية الثقافية في صفوف الكادحين.
    و انطلاقا من هذا التمييز بين الثقافة الشعبية و الثقافة الطائفية، و ثقافة الطبقات الاستغلالية و ثقافة الطبقة العاملة تستطيع الحركة الماركسية و يستطيع المنهج الماركسي أن يرسم ما يجب عمله من اجل ثقافة شعبية تقدمية وطنية ديمقراطية و إنسانية تساعد على تغيير الواقع الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و المدني و السياسي إلى الأحسن بإشاعة القيم الإنسانية النبيلة الموحية بتحقق الحرية و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية كتعبير عن سيادة تلك القيم.
    و إذا كان التعامل الذي أشرنا إليه هو التعامل العلمي الدقيق مع مختلف الثقافات المتفاعلة و المتصارعة في المجتمع الواحد. فكيف يتعامل المنهج الماركسي مع الأحزاب السياسية القائمة في بلد معين ؟
    إن تعامل المنهج الماركسي مع مختلف الأحزاب السياسية سيكون اكثر وضوحا، و أكثر تحديدا، لأن الماركسية كفلسفة، و كفكر، و كمنهج، و كهدف تبقى تعبيرا طبقيا مهما حاولنا تجريدها من التوظيف الطبقي، و علميتها لا تعفيها من صيرورتها إيديولوجية للكادحين.
    و بالبساطة غير المتوقعة يستطيع المنهج الماركسي أن يميز بين الأحزاب الاستغلالية و الأحزاب التي ليست كذلك. فالأحزاب الاستغلالية محددة بكونها إقطاعية أو بورجوازية، أو بورجوازية تابعة لأن هذه الأحزاب هي إطارات لتنظيم الطبقات التي تمارس الاستغلال على الفلاحين، و على الطبقة العاملة و على سائر أفراد المجتمع لصالح الطبقات الاستغلاليةو لصالح الطبقة الحاكمة، و لصالح المؤسسات المالية الدولية، و لصالح الشركات العابرة للقارات. و هذا النوع من الأحزاب السياسية التي تقود الطبقات الاستغلالية، و تعمل على وصولها إلى السلطة، أو على بقائها فيها، حتى تحمي مصالحها الطبقية المتمثلة في تأبيد سيطرتها الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية يقتضي تشريحها و كشف أشكال التضليل الإقطاعي و البورجوازي و البورجوازي التبعي الذي تمارسه على الكادحين المستهدفين بالاستغلال الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و المدني و السياسي، سواء تعلق الأمر بالتضليل الأيديولوجي الإقطاعي أو البورجوازي التبعي الذي يجعل الكادحين غير مدركين، و عن وعي بشاعة الاستغلال الممارس عليهم، و غير قادرين على معرفة الأسباب التي تؤدي إلى تكريس الاستغلال المادي و المعنوي للمجتمع ككل و غير مستوعبين لما يكون عليه حال البورجوازية و الإقطاع بسبب الاستغلال، و معتبرين ما يصير إليه حالهم قضاء و قدرا. و الغاية من تشريح تنظيمات الطبقات المستغلة هي جعل الكادحين يدركون خطورة الدور الذي تقوم به في تأبيد استغلال الكادحين، و في جعل هؤلاء الكادحين لا يستطيعون ممارسة الصراع الطبقي ضد مستغليهم حتى يعتبر ذلك التشريح العلمي لواقع الأحزاب الاستغلالية، و لواقعها، و لبرامجها، و لأهدافها وسيلة لجعل الكادحين يدركون بشاعة الاستغلال الممارس عليهم، و الأسباب التي تؤدي إلى ذلك الاستغلال، و الشروع بتنظيم أنفسهم في الحركة الماركسية التي تقودهم في أفق تحريرهم من الاستغلال الإقطاعي البورجوازي، و فرض الممارسة الديمقراطية بمفهومها الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و المدني و السياسي على ارض الواقع من اجل تحقيق العدالة الاجتماعية التي تعتبر مقدمة لتحقيق الاشتراكية باعتبارها حتمية تاريخية مهما طال عمر الأنظمة الاستغلالية.
    أما الأحزاب التي ليست استغلالية، و هي أحزاب البورجوازية الصغرى، و باقي فئات الكادحين و حزب الطبقة العاملة التي يجب أن يتعامل معها المنهج الماركسي على أنها مجال لإشاعة الفكر العلمي الماركسي. و التعامل معها يجب أن يكون من هذا المنطلق، و من منطلق أن معظمها أحزاب للبورجوازية الصغرى المريضة بالتطلعات البورجوازية، و الساعية إلى تحقيق تلك التطلعات من اجل الالتحاق بالبورجوازية مع ضرورة الحذر من إمكانية لجوء الأحزاب البورجوازية الصغرى إلى تحريف المنهج الماركسي الذي يقتضي خدمة تحقيق تطلعات البورجوازية الصغرى، و خدمة البورجوازية نفسها. لأن جميع أشكال التحريف التي قامت في تاريخ الماركسية قامت بها البورجوازية الصغرى، و هو ما كلف الماركسية الكثير من الكوارث التي أصابتها. و على الماركسيين أن يميزوا بين مستويين في التعامل مع أحزاب البورجوازية الصغرى: التعامل مع القيادات البورجوازية الصغرى التي تعتبر قواعد أحزابها مجرد مطية لتحقيق تطلعاتها البورجوازية الذي يقتضي الحذر الكامل في التعامل معها حتى تبرهن نظرية و ممارسة عن اقتناعها بالنهج الماركسي (الاشتراكية العلمية) و العمل مع قواعد هذه الأحزاب التي لا تملك إلا أن تكون تابعة، و لا تنال أي شيء مما تحققه القيادات البورجوازية الصغرى. و هذه القواعد تكون قابلة لاحتضان المنهج الماركسي إذا تم إقناعها به، و بالوسائل العلمية الدقيقة و بالتوضيح اللازم للمنهج الماركسي حتى تصير اكبر داعم و حليف مخلص، و مساهم في بناء الحركة الماركسية.
    أما أحزاب الطبقة العاملة، فهي أحزاب ماركسية في الأصل، و متبنية للمنهج الماركسي، و مقتنعة بضرورة توظيف ذلك المنهج في التحليل الملموس للواقع الملموس حتى تستطيع أن تعمل على تغييره تغييرا شاملا في اتجاه جعله في خدمة الكادحين بعد تحريره من سيطرة المستغلين من الإقطاعيين و البورجوازيين و البورجوازيين التابعين.

    و تبقى الأحزاب المؤدلجة للدين الإسلامي و التي تعتبر في عمقها أحزابا موازية صغرى مؤدلجة للدين الإسلامي أو أي دين آخر. فهي أحزاب اكثر عداء للماركسية و للمنهج الماركسي ، و اكثر ادعاء للنيابة عن الله في الأرض، و اكثر تمسكا بالوصاية على الدين. و التعامل مع هذه الأحزاب يقتضي الابتعاد عن الإيديولوجية، و استحضار علمية التحليل الماركسي الذي يقتضي امتلاك المعرفة بالأديان و بمختلف معتقدات الشعوب. و بالعمل على تشريح الادلجة التي تتعرض لها تلك المعتقدات و في مقدمتها الدين الإسلامي الذي صار يظهر للخاص و العام و كأنه مجرد إيديولوجية تعتنقها جماعة معينة لتستغل عموم المتدينين. و خاصة منهم اليافعين و الشباب و الأميين الذين لا يستطيعون التفكير في الأمور الدينية التي تملى عليهم إملاء فيصدقونها حتى و إن كانت محرفة للدين الذي يعتنقونه. و بذلك الإملاء تتحول ادلجة الدين إلى دين يملى على الفاقدين للمعرفة الدقيقة بالدين بصفة عامة، و بالدين الإسلامي بصفة خاصة. فعلمية التشريع تلك تقود إلى نفي الادلجة و إثبات حقيقة الدين التي يجب احترامها كمعتقد شائع بين أفراد الشعب الواحد، أو بين مجموعة من الشعوب من اجل الوصول إلى إزالة العداء القائم بين الدين و الماركسية الذي يجب أن يصير عداء بين ادلجة الدين و ادلجة الماركسية حتى يكتسب مشروعيته التاريخية و الواقعية في نفس الوقت، و حتى تبقى الماركسية علما، و يبقى الدين لله، و ما يجمع بينهما هو الاحترام المتبادل.
    فهل يعجز المنهج الماركسي أمام شيوع منهج ديني معين ؟
    إن المنهج الديني هو منهج مثالي يستهدف تحقيق الإيمان بالدين المعني بذلك المنهج. أما المنهج الماركسي، فهو منهج مادي يستهدف المعرفة العلمية بالواقع الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و المدني و السياسي. و العلاقة القائمة بينهما هي علاقة تناقض تاريخي و واقعي في نفس الوقت. فالتناقض التاريخي قائم على أساس اختلاف المراحل التاريخية التي ظهرت فيها المناهج الدينية التي تختلف باختلاف الأديان، و باختلاف المذاهب داخل الدين الواحد عن المرحلة التي ظهر فيها المنهج الماركسي. و هذا الاختلاف التاريخي يجعل المناهج الدينية منتاسبة مع المراحل التي ظهرت فيها، مع الطبقات الاجتماعية التي استهدفتها. كما يجعل المنهج الماركسي متناسب مع المرحلة التي ظهر فيها، و مع الطبقة الاجتماعية التي استهدفها بسبب التطور الحاصل في التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية التي لم تعد تسمح بظهور دين جديد، و لا بمنهج ديني جديد، لأن كل شيء صار خاضعا لإعمال العقل الذي ينطلق من منطلقات مادية صرفة. أما التناقض الواقعي فقائم على أساس أن المنهج الديني هو هو لا يتبدل و لا يتغير منذ ظهر الدين المعني بذلك المنهج لا على مستوى المنطلقات، و لا على مستوى الخطوات المنهجية. لذلك نجد أن معتمدي المنهج المؤدلجين للدين عندما يعجزون عن المواجهة العلمية للمنهج الماركسي، لأنهم غير قادرين في الأصل على تلك المواجهة، لأنه لا يمكن مواجهة منهج علمي، و بمنطلقات علمية، و بقوانين علمية بمنهج غير علمي، و بمنطلقات غير علمية، و بخطوات غير علمية، و أهداف غير علمية أيضا يلجأون إلى اعتماد القدح و التكفير في حق المنهج الماركسي، و في حق الماركسيين الذين يصيرون كفارا. و تعبيرات كهذه هي تعبيرات غير علمية. و بالتالي فالمنهج الذي يعجز عن المواجهة هو المنهج الديني، أما المنهج الماركسي المتطور المستفيد من كل أشكال التطور التي تحصل في الواقع، فإنه لا يعجز أبدا عن مواجهة كل المناهج المثالية مهما كانت عريقة، و متمكنة، لأنها غير علمية، و لأن مستعملي تلك المناهج المثالية إنما يسعون إلى تضليل الكادحين من اجل تأبيد استغلالهم .أما المنهج الماركسي، فهو منهج علمي صرف. و لكنه مع ذلك لا يسعى إلى هزم المنهج الديني، و لا يدخل معه في صراع، لكونه يحترم الأديان كمعتقدات شائعة بين الشعوب من جهة. و لأن المنهج الديني لا يستهدف إلا تحقيق الإيمان بدين معين، و ما سوى ذلك، ما هو إلا ممارسة إيديولوجية تستهدف تضليل الكادحين و استغلالهم باسم دين معين، و جعلهم يقبلون كافة أشكال الاستغلال الممارس عليهم من قبل طبقة معينة. و عدم دخول المنهج الماركسي في صراع مع المنهج الديني لاقتناع الماركسية بأن الصراع ليس بين السماء و الأرض، انه الصراع الطبقي القائم على ارض الواقع و على جميع المستويات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية، و إقحام الدين في هذا الصراع تعسف على الدين، و تعسف على الماركسية في نفس الوقت، و هو ما يجب تجنبه على المستوى المنهجي على الأقل.
    و هذه الخلاصة الأخيرة تجعلنا نطرح السؤال : هل يقوم المنهج الماركسي بمواجهة منهج ديني معين ؟
    إن المنهج العلمي الماركسي، و كما أشرنا إلى ذلك أعلاه لا يهتم بمواجهة المناهج الدينية أنى كانت هذه المناهج، إلا إذا تحولت إلى مناهج إيديولوجية بعد تحويل دين معين إلى إيديولوجية، مما يؤدي إلى تحويل منهج ذلك الدين إلى منهج إيديولوجي. كما هو الشأن بالنسبة للدين الإسلامي الذي يتحول منهجه إلى منهج إيديولوجي بعد ادلجته. فيصير من واجب الماركسيين، و من واجب المنهج الماركسي مواجهة ادلجة الدين بصفة عامة، و ادلجة الدين الإسلامي بصفة خاصة، لأنه لا مناص من تلك المواجهة التي يضطر فيها الماركسيون المخلصون إلى الانكباب على الدراسة العلمية الدقيقة للدين، و على الدراسة العلمية الدقيقة لأدلجة الدين و للشروط الموضوعية التي أفرزت تلك الادلجة، و العمل على التمييز بينها و بين الدين حتى لا يصطدم الماركسيون بالمتدينين في عملية المواجهة التي تقتصر على ادلجة الدين و على مؤدلجيه وفق برنامج محدد، و مضبوط، و في مراحل محددة من اجل جعل المتدينين أنفسهم يعون خطورة ادلجة الدين على الدين نفسه، و عليهم كمتدينين. كما يعون الشروط الموضوعية التي أدت إلى إفراز ظاهرة الادلجة على المستوى المحلي، و على المستوى العالمي من اجل الانخراط في تغيير تلك الشروط، و مناهضة ادلجة الدين الذي يجب أن يفهم على حقيقته حتى يتحصن ضد الادلجة و ضد المؤدلجين، و يستمر كمصدر للقيم النبيلة المحققة أو حدة الكادحين و تضامنهم و تواصلهم و دعم بعضهم البعض، و التي يجب أن يستثمرها الماركسيون لجعل الحركة الماركسية تتغلغل في صفوف المدنيين الكادحين، و قيادتهم من اجل قيام مجتمع نبيل حر و ديمقراطي و عادل.
    و بما أن المنهج الماركسي لا يقوم بمواجهة منهج ديني معين، فهل يسعى إلى نفي هذا المنهج ؟
    إن عدم قيام المنهج الماركسي بمواجهة منهج ديني معين، لا يعني إقدامه على نفيه، لأن النفي يأتي نتيجة المواجهة. و المواجهة غير قائمة بين المنهج الماركسي و المنهج الديني كما أوضحنا ذلك، و لأن الصراع الطبقي قائم في الواقع الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و السياسي، و ليس بين السماء و الأرض. و لذلك فنفي المنهج الديني غير وارد في المنهج الماركسي ما دام يهدف إلى تحقق الإيمان بدين معين و بالوسائل التي لا علاقة لها بالإيديولوجية و بالتوظيف الإيديولوجي و السياسي للدين. فإذا تحول ذلك المنهج إلى منهج إيديولوجي موظف لدين معين فإن المنهج الماركسي يجد نفسه مضطرا لمواجهته و العمل على نفيه لانتقاله من منهج ديني إلى منهج إيديولوجي يفرض مواجهته و نفيه.
    و عدم لجوء المنهج الماركسي إلى نفي المنهج الديني الصرف يرجع إلى أن المنهج الماركسي قائم على احترام معتقدات الشعوب التي يعتبرها مادة خاما يمكن استثمارها في تماسك الكادحين، و في تعبئتهم ضد الطبقات الممارسة للاستغلال، و في قيادة نضالاتهم المطلبية و الإيديولوجية والسياسية، و في جعلهم يلتفون حول الحركة الماركسية المؤهلة تاريخيا لقيادة الصراع الطبقي، و لادارة هذا الصراع حتى تلعب دورها في القضاء على الاستغلال المادي و المعنوي للكادحين الذين يعتنقون دين معين أو عدة ديانات تختلف مناهجها الإيمانية، بتحقيق تحرير الكادحين من الاستغلال، و جعل وسائل الإنتاج في ملكية المجتمع و تحقيق الديمقراطية بمضمونها الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و المدني و السياسي الذي ينسجم مع احترام حقوق الإنسان الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية كما هي في المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.
    و إذا كان المنهج الماركسي لا يقوم على نفي المنهج الديني الذي هو نتاج واقع معين بخصوصية معينة. فهل يمتنع عن التعامل مع هذا المنهج ؟
    إن المفروض في المنهج الماركسي عندما يتعامل مع واقع معين، فإنه يسعى إلى استحضار خصائص ذلك الواقع المميزة له، و هو لذلك يستحضر كون هذا الواقع يشيع فيه دين معين او مجموعة من الأديان. بمنهج معين أو بمجموعة من المناهج التي تعتمد لإشاعة تلك الأديان بين الناس، و هل هي أديان تحترم المعتقدات المخالفة لها، أو لا تحترمها ؟ و العمل على حمايتها من الاندثار، بتوفير شروط استمرارها. و هذا الاستحضار للخصائص يستهدف المعرفة الدقيقة بذلك الواقع ، و يعمل على التعامل معه انطلاقا من منهج معين يتناسب معه، و من برنامج معين يناسبه، و من شروط ذلك المنهج و ذلك البرنامج تجنب الاصطدام بالمعتنقين لدين معين، أو لمجموعة من المعتقدات الدينية الأخرى، و احترام تلك المعتقدات. إلا أن ذلك لا يعني عدم التعامل مع المنهج الديني، بل لابد من قيام المنهج الماركسي برصد المنهج الديني، و هل يلتزم بمجرد إشاعة ذلك الدين بين الناس و العمل على المحافظة عليه أم انه تجاوز ذلك إلى أمور لها علاقة بالإيديولوجية. فإذا تحول المنهج الديني إلى منهج إيديولوجي يضطر المنهج الماركسي إلى العمل على مواجهته و نفيه كمنهج إيديولوجي، لا كمنهج ديني. و لذلك فالتعامل مع المنهج الديني يقف عند حدود المراقبة و الرصد و التتبع باعتباره من مكونات الواقع المستهدف بالمنهج الماركسي، و باعتباره مساهما في وجود هذا الواقع و بالشكل الذي هو عليه، و هل هو قادر على الاستمرار أو أن إمكانية استمراره صارت ضعيفة حتى تكون مراقبة المنهج الماركسي للمنهج الديني مراقبة علمية دقيقة تقتضيها طبيعة المنهج الماركسي من جهة، وطبيعة المنهج الديني من جهة أخرى و طبيعة الواقع من جهة ثالثة، و هكذا.؟
    و إذا كان التعامل مع منهج ديني معين من مطلق طبيعة ذلك المنهج، و طبيعة الواقع، فهل يتناقض المنهج الماركسي مع واقع معين، و هل يقتضي ذلك الواقع التخلي عن المنهج الماركسي بدعوى تناقضه مع خصوصية الواقع ؟
    قيام التناقض بين المنهج الماركسي، و بين الواقع الخاص، ما هو إلا مقولة إيديولوجية إقطاعية و بورجوازية و بورجوازية صغرى، و حزبوسلامية، من اجل الإقصاء المنهجي للممارسة المنهجية الماركسية في التعامل مع واقع معين حتى يخلو الجو للمناهج الإقطاعية و البورجوازية و البورجوازية الصغرى، و الحزبوسلامية من اجل الاستبداد بالواقع، و تأبيد استغلال الكادحين الذين يعملون على خدمة المستغلين بالشكل الذي يختاره المستغلون، و ليس بالشكل الذي يختارونه هم. و لذلك فاعتبار الماركسية تتناقض مع خصوصية واقع معين يجب التصدي لها، و تشريح الخلفيات الإيديولوجية و السياسية، التي تقف وراء إشاعة هذا الاعتبار الذي يسيء إلى الواقع اكثر مما يسيء إلى الماركسية، لأنه يسعى إلى تدجينه، و اعتباره حكرا على مستغليه الذين يعتبرون ذلك الاستغلال "ماركة مسجلة" تقتضي حمايتها من الضياع، و من السطو على حقوق التسجيل التي هي في نفس الوقت حقوق الاستغلال. و لذلك فاقتحام المنهج الماركسي لواقع معين، لابد أن يعتبر خصوصية ذلك الواقع في التحليل حتى ينسجم مع الواقع نفسه، و يكتسب شرعية التعامل معه. و إلا فإنه إذا لم يأخذ بخصوصية الواقع في التحليل فإنه سيكون دخيلا و مستوردا، و مفروضا من الاعلى. و سيصير منهجا مثاليا، و سيفقد قدرته على التحليل العلمي للواقع المادي. و المنهج الماركسي عندما يصير مثاليا، و مثاليته تنفي عنه كونه منهجا علميا ماركسيا. و لتجنب السقوط في المثالية، و في النمذجة، و في الوثوقية، و في استيراد التجارب و محاولة تطبيقها على واقع مختلف يصير من الضروري الحرص على اعتبار خصائص واقع معين منطلقا للبحث في ذلك الواقع، و تحليله، للوصول إلى خلاصات منسجمة مع ذلك الواقع.
    و إذا كان من الضروري اعتبار خصائص واقع معين في التحليل العلمي لذلك الواقع، فهل من علمية المنهج الماركسي القبول بالواقع كما هو ؟
    إن واقع المنهج العلمي الماركسي باعتباره منهجا متطورا باستمرار باستفادته من تطور العلوم و التقنيات من مناهجها، و النتائج التي يتم التوصل إليها يرفض الثبات و الاستقرار على حال واحدة حتى في المنهج نفسه. و لذلك فهو يستطيع أن يتلاءم مع الواقع المتجدد و المختلف باعتماده خصائص كل واقع على حدة إلى جانب اعتماده على قوانينه المنهجية. و لذلك، فهو يهدف إلى جعل أي واقع متحولا باستمرار من خلال اعتماد خصائصه المميزة له، لا من اجل إعادة إنتاج نفس الواقع الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و المدني و السياسي. بل من اجل جعله يتطور بإنتاجه هياكل مختلفة و متطورة عن الهياكل السابقة مما يجعل التشكلية الاقتصادية الاجتماعية القائمة تتطور إلى تشكيلة اقتصادية اجتماعية اكثر تطورا. و هو ما يعني أن المنهج الماركسي لا يقبل الواقع كما هو راكد آسن، لا يتبدل و لا يتغير، لأن هذا الواقع غير موجود أصلا، و ما هو موجود هو التحكم في حركة الواقع و توجيهها لاعادة إنتاج نفس الهياكل الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية من قبل من يستفيدون من استغلاله، من اجل تأبيد استغلاله. و تأبيد الاستغلال ليس إلا ممارسة صادرة من الطبقة الحاكمة التي توظف أجهزة الدولة الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية و القمعية لأجل ذلك. و المنهج الماركسي يعمل على أن لا تستغل السلطة في توجيه حركة المجتمع، و ان تترك هذه الحركة لجعل المجتمع يتطور إلى الأحسن، أي تحرير المجتمع من سيطرة توجيه الطبقة الحاكمة حتى يتحقق التطور كما يسعى إليه الماركسيون، و كما يتصوره المنهج الماركسي المتطور، الفاعل في واقع متطور.
    و إذا كان الأمر كذلك، فلماذا نجد بعض الماركسيين يتخلون عن المنهج الماركسي و يعتنقون المنهج الديني ؟
    إن الجميع يعلم أن الحركة الماركسية تعاني من الحصار، و أن هذه الحركة تعمل باستمرار على فك ذلك الحصار، كما يعلم الجميع أن المنهج الماركسي يعاني بدوره من التشويش و التحريف. و كل ما يعرقل كونه منهجا علميا دقيقا حتى لا يؤدي دوره الإيجابي في الكشف عن تناقضات الواقع. و العمل على تجاوز تلك التناقضات. و الماركسيون الحقيقيون لا يضيرهم الحصار، و يقاومون التشويش، و يعملون على مناهضة التحريف أنى كان مصدره، و يحرصون على سلامة المنهج الماركسي و علميته، و يعملون باستمرار على تفعيله، لا يهمهم ما يعانون، و لا يعجزهم ما يتعرضون له، إلا أن جميع الماركسيين، و مهما برعوا في تفعيل المنهج الماركسي، ليسو أوفياء للماركسية، و ليسو مخلصين لها، و ليسو عاملين على استدامة العمل بمنهجها العلمي. لأنهم لم يتخلصوا من ممارستهم البورجوازية الصغرى أثناء اعتناقهم للمنهج الماركسي، و بما أن توظيفهم للمنهج الماركسي لم يحقق تطلعاتهم البورجوازية، فهم يعملون في البداية على تحريف هذا المنهج، و تحويله إلى منهج متطرف، أو لمنهج يميني بورجوازي صغير، و بما أن التلاعب بالمنهج الماركسي لن يجدي شيئا بالنسبة لهؤلاء، لأن ماضيهم الماركسي يبقى ملتصقا بشخصيتهم، فإنهم يقلبون ظهر المجن، و يتحولون، و بقدرة قادر، و دون سابق إنذار إلى اعنتاق المنهج الديني مقابل ما يتلقونه من الجهات التي ترعى معتنقي ذلك المنهج من اجل توظيفهم لمحاربة الماركسية باعتبارهم ماركسيين سابقين و العناية بما ينتجونه في هذا المجال سعيا إلى تشجيع و توظيف الماركسيين السابقين على الارتباط بالمنهج الديني بصفة عامة، و بالمنهج المؤدلج للدين بصفة خاصة. لأن هؤلاء الماركسيين الذين تخلوا عن ماركسيتهم غالبا ما يختارون الارتماء بين أحضان الحركات المؤدلجة للدين الإسلامي، لأنها تلبي ما يساعد على تحقيق تطلعاتهم البورجوازية التي كانوا يسعون إلى تحقيقها بواسطة الانخراط في الحركة الماركسية، لا رغبة في النضال، بل سعيا إلى تحقيق التطلعات البورجوازية الصغرى عن طريق التمركس. و لذلك، فهؤلاء البورجوازيون الصغار الذين يتخلون عن الماركسية و عن المنهج الماركسي لا يشكلون أي استثناء في الحركة الماركسية، كما أنهم لا يشكلون أية خطورة على الحركة الماركسية، و على المنهج الماركسي. و لذلك فهم يعتبرون استثناء نادرا لا يمكن أن يعتبر برهانا على فشل الماركسية بقدر ما هو دليل على الممارسة البورجوازية الصغرى التي سرعان ما تنكشف في الممارسة العملية قبل أن تنكشف في الممارسة النظرية.
    فهل يمكن اعتماد تخلي بعض الماركسيين عن ماركسيتهم و اعتناق المنهج الديني دليلا على أن المنهج الماركسي اصبح متجاوزا ؟
    إن التجاوز بالنسبة للظواهر القائمة في الواقع لا يمكن أن يتم إلا بتطور تلك الظواهر إلى ظواهر أخرى اكثر تطورا، و تجاوز التشكيلة الاجتماعية القائمة لا يتم إلا بالانتقال إلى تشكيلة اجتماعية اكثر تطورا، و التشكيلة الاجتماعية الأكثر تخلفا عندما يتم الرجوع إليها، فإن ذلك يمكن اعتباره انهيارا. و الانهيار يقتضي إعادة البناء على أسس صحيحة يستحيل معها حدوث انهيار جديد في الأمد القريب أو المتوسط، أن لم نقل على المدى البعيد.
    و تجاوز الماركسية الذي صار يطرحه العديد من منظري البورجوازية الصغر، و العديد من مؤدلجي الدين الإسلامي بالخصوص، و بدعم من الأنظمة المتخلفة، ليس تعبيرا صحيحا،انه مجرد ادعاء، لأن الماركسية علم قبل أن تصير إيديولوجيا، و كونها علما، فتجاوزها لا يكون إلا علميا، و هذا التجاوز العلمي لا يكون إلا ماركسيا و جميع التيارات التي ظهرت في أوربا أو في أمريكا، أو حتى في الاتحاد السوفياتي السابق، و التي ادعت أنها تجاوزت الماركسية سرعان ما تندثر، لأنها لا تحمل المقومات العلمية للتجاوز، لتبقى الماركسية مستمرة و الماركسية عندما تصير ضامنة لاستمرارها فلأنها تحمل المقومات العلمية لذلك، و تجاوز بعض جزئيات قوانينها لا يكون إلا علميا، و إلا ماركسيا، لأن الماركسية تستفيد من البحث العلمي، و من نتائج ذلك البحث، و في جميع المجالات المعرفية، و من مناهج العلوم الدقيقة، و من نتائج البحث فيها، و من التقنيات الحديثة المتطورة من اجل تطوير المنهج العلمي الماركسي. لتتجاوز الماركسية بذلك القصور الذي تعرفه بعض الجزئيات في القوانين العلمية الماركسية حتى تكون قادرة على التعامل مع الواقع الجديد. أما اعتبار المنهج الديني تجاوزا للمنهج الماركسي. فإن المنهج الديني ليس منهجا علميا، لأن منطلقاته غيبية، و معطياته غيبية و أهدافه غيبية، و قد يوظف بعض مكونات الواقع لأجل ذلك. إلا انه لا يرقى إلى مستوى تجاوز العلم، و من الأفضل ألا نقحم المنهج الديني في ادعاء تجاوز ه للمنهج الماركسي. و لأنه ليس كذلك، فإن إقحامه لا يمكن أن يكون إلا إيديولوجيا، و يقود بالضرورة إلى تحويل المنهج الديني إلى منهج إيديولوجي يدخل في صراع مع المنهج الماركسي فيظهر و كأن الماركسية تعادي الدين عندما تشرع في تنفيذ ادعاءات المنهج الديني في حق الماركسية، و افتعال هذا العداء على يد مؤدلجي الدين لا يمكن أن يكون إلا ممارسة إيديولوجية تهدف إلى إبعاد المتدينين من الارتباط بالحركة الماركسية حتى تبقى الساحة محتكرة من قبل مؤدلجي الدين بصفة عامة، و من قبل مؤدلجي الدين الإسلامي بصفة خاصة.
    و اعتبار المنهج الديني تجاوزا للماركسية، مع ادعاء صحة هذا الاعتبار، هل يعني ذلك ان المنهج الديني صار صالحا لكل زمان و مكان ؟
    فالمنهج الديني باعتباره منهجا دينيا مطلقا بريئا من الادلجة لا يتم استغلاله في الأمور السياسية، و لا يهدف إلا إلى بث القيم النبيلة التي تساعد على تقويم سلوك الأفراد و الجماعات التي تعتنق ذلك الدين، و منهج هذه طبيعته وجد مع وجود كل دين، و سيبقى بوجود ذلك الدين. إلا انه بفعل التحولات التي تعرفها البشرية، و يعرفها المعتنقون لذلك الدين لابد أن يتفاعل المنهج الديني مع تلك التحولات. و بالتالي، فإنه يصير لذلك نسبيا، و نسبيته تسحب عنه صلاحيته لكل زمان و مكان، بقدر ما تصير محدودة بالزمان و المكان، و ما دامت كذلك يمكن التفصيل كما أثبتنا ذلك في بداية معالجتنا لموضوع " الدين/الماركسية، نحو منظور جديد للعلاقة ..." بين :
    1) الجانب المطلق في المنهج الديني و الذي يرتبط بوجود الدين، و استمراره، و الذي لا يتبدل و لا يتغير باعتباره منهجا "إيمانيا".
    2) و الجانب النسبي من المنهج الذي تقتضيه شروط معينة، زمانية، و مكانية، يزول بسبب زوالها، و يتغير بتغيرها.
    و لذلك، فما كان مطلقا من المنهج الديني يبقى صالحا لكل زمان و مكان، و ما كان نسبيا يتغير بتغير الزمان و المكان.
    و إذا كان الجانب المطلق من المنهج الديني يستهدف تحقيق الإيمان بدين معين، فإن الجانب النسبي يستهدف مساهمة العادات و التقاليد و الأعراف في إشاعة ذلك الإيمان بين الناس.
    و ما دامت العادات و التقاليد و الأعراف تختلف من زمن إلى آخر، و من مكان إلى مكان آخر، فإن دورها في إشاعة الإيمان يختلف كذلك من زمن إلى آخر، ما لم يتأدلج الدين. فإذا تأدلج صار المنهج مؤدلجا، و تبعا لذلك يصير نسبيا، و لا يوجد فيه الجانب الإطلاقي أبدا، لأنه يفقد كونه يسعى إلى تحقيق الإيمان بدين معين بقدر ما يسعى إلى تحقيق الاقتناع بأدلجة الدين. و الادلجة لا تكون إلا نسبية لارتباطها بخدمة المصالح الطبقية، و المنهج بذلك لا يصلح إلا للزمان و المكان المحددين لتزول صلاحيته بذلك.
    و انحياز الناس وراء المنهج المؤدلج للدين يقودنا إلى طرح السؤال : أليس قصور المنهج الماركسي تعبيرا عن قصور الماركسيين عن مواكبة نتائج التطور العلمي و التقني ؟
    إن دخول العديد من المتمركسين في عملية تحويل الماركسية إلى عقيدة، و انسياق العديد الآخر إلى اعتماد المقولات الجاهزة الخاصة بتجربة معينة لابد أن يؤدي إلى جمود الماركسية في إطار ما صار يسمى بالجمود العقائدي الذي أدى إلى توقف الإبداع الماركسي، الذي أعطانا تجارب ماركسية صنمية، حتى في إطار الحركات الماركسية التي لازالت تلتمس لنفسها شرعية الوجود في العديد من بلدان العالم، الأمر الذي أدى إلى ما يشبه التوقف، و غباء الماركسيين. فكأن المنهج الماركسي عقيم، مع العلم أن المنهج العلمي الوحيد الذي استطاع أن يحدث ثورة فكرية و علمية و اقتصادية و اجتماعية و ثقافية و سياسية هو المنهج الماركسي، و لو تم تفعيله و جعله يستوعب ما يستجد في مجالات العلوم و التقنيات، لاستمر كذلك، و لجعل البشرية تستعيد وعيها الحقيقي، و لطرحت الوعي الزائف، و لانخرطت في الحركة الماركسية و التفت حولها، و لساهمت بشكل كبير في رفع مكانة الإنسان، مهما كان هذا الإنسان أمام كل أشكال الاستغلال التي لا تقوم إلا بإهانته.
    و القصور الذي أصاب الماركسية يقتضي إعادة النظر في الممارسة اليومية النظرية و العلمية للماركسيين، و في إعادة النظر، انطلاقا من مستجدات العلوم و التقنيات المتطورة، في المفاهيم و المقولات الماركسية المعتمدة في المنهج الماركسي، و توظيفها في إعادة قراءة الواقع العيني مع استحضار الخصوصيات المميزة لكل واقع على حدة تطبيقا للمقولة اللينينية "التحليل الملموس للواقع الملموس" حتى يتجنب الماركسيون عملية إسقاط ما يتعلق بواقع معين على واقع آخر. و حتى تصير الماركسية منتجة فعلا، حتى يصير العلم الماركسي، و الفكر العلمي الماركسي سائدا على المستوى المحلي، و على المستوى العالمي.
    و مما يجب اعتباره في التحليل الماركسي الخاص بواقع معين، تلك العوامل الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية المقررة لاعتماد المنهج المؤدلج لدين معين، و إشاعة اعتماد ذلك المنهج بين الناس، و لماذا ينساق الناس وراء استغلال ذلك المنهج، و لماذا يقبلون بتجييشهم من قبل مؤدلجي دين معين حتى تنكشف أحابيل مؤدلجي الدين، و تتوضح أباطيل المنهج الديني. و للقيام بكل ذلك من قبل الماركسيين، و معتمدي المنهج الماركسي، و من قبل الحركة الماركسية في كل بلد لابد أن ينكب الماركسيون على دراسة دين معين، و لابد أن يكون ذلك الانكباب وسيلة للمعرفة العلمية الدقيقة بذلك الدين من اجل الوقوف على العوامل التي تؤدي إلى تحويله إلى إيديولوجية، و التركيز في التحليل على إبراز تلك العوامل، و العمل على نقضها، لأنه بدون ذلك النقص لا نستطيع الوصول إلى نقض ادلجة الدين من اجل المحافظة على احترام الدين باعتباره من مقومات الواقع، حتى يستمر في دوره في بث القيم النبيلة التي تعمل على تحقيق وحدة الشعب، و التعاون، و التضامن بين أفراده بصفة عامة، و بين كادحيه بصفة خاصة ليلتقي في ذلك مع ما تسعى الحركة الماركسية إلى تحقيقه على ارض الواقع، و ليساعد على جعل الناس، بوحدتهم و تعاونهم و تضامنهم يمتلكون وعيهم الطبقي الحقيقي الذي يجعلهم وجها لوجه مع الأعداء الطبقيين، الذين يتم تفويت فرصة استغلال الدين لصالحهم، ليتحول الانصراف من المنهج المؤدلج للدين إلى اهتمام بالمنهج الماركسي، و بالعمل على إشاعة هذا المنهج في صفوف أفراد شعب معين باعتباره وسيلة لفهم الواقع و مرشدا للعمل على تغييره، و باعتباره هدفا لسعيه إلى تحقيق الحرية و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية.
    و إذا كان المنهج المؤدلج للدين هو السائد في معظم بلدان العالم، فهل يمكن اعتبار تلك السيادة تعبيرا عن جعل الماركسية تستفيد من نتائج البحث العلمي، و من العلوم و التقنيات الدقيقة ؟
    إننا بوقوفنا على واقع الماركسية و الماركسيين سنجد أنفسنا أمام إمكانية القول بسيادة العقم النظري و العقم الفكري المنتج للعقم العملي في صفوف الماركسيين و هذه الأشكال المتلازمة من العقم تحولت إلى ظاهرة ماركسية على المستوى العالمي، يقويها و يدعمها اعتماد الكثير من الماركسيين على المقولات الجاهزة التي لم تعد كذلك بقدر ما صارت مقولات صنمية جامدة لا تستطيع تحريك حتى نفسها، مهما كانت هذه النفس و مهما صارت هذه النفس متعرضة لعوامل التآكل و الاندثار، و واقع كهذا لا يمكن أن يؤدي إلا إلى التراجع المهول للماركسية، و الماركسيين و الحركات الماركسية، و للمنهج الماركسي أمام مؤدلجي الدين، و أمام ادلجة الدين، و لتجاوز هذه الوضعية التي تقتضي منا التوقف عندها. و العمل على دراستها دراسة علمية دقيقة تفرض التشريح العلمي الدقيق لظاهرة انتشار ادلجة الدين الإسلامي. و العمل على الخروج بخلاصات علمية دقيقة يمكن اعتمادها في البرامج المعتمدة من قبل الحركات الماركسية على المستوى المحلي و على المستوى العالمي حتى تستحضر الحركة الماركسية ادلجة الدين، واستخدامها في آليات الصراع المعتمدة من قبلها حتى لا تتحول ادلجة الدين الإسلامي بالخصوص إلى وسيلة لبناء الأحزاب السياسية.. لأن الدين أي دين ليس تعبيرا عن مصالح طبقية معينة، و الذي يحوله كذلك هو الدولة الدينية، و هي الأحزاب و التيارات المؤدلجة للدين، لأنه لا وجود لشيء اسمه الدولة الدينية، و لا يجب أن يسمح بشيء اسمه الأحزاب الدينية إلا في أذهان من يستغلون الدين في الأمور السياسية. و هذه المسألة يجب أن تنكب عليها الحركة الماركسية، و بالجدية المطلوبة مع استحضار ضرورة الفصل بين الدين و ادلجة الدين، و اعتبار الدين من مقومات الشعوب و التعامل مع ادلجة الدين على أنها سطو على الدين و توظيفه في أمور سياسية كان يجب أن يبقى بعيدا عنها و بذلك تتجاوز الماركسية عجزها أمام ادلجة الدين و تعمل على تأزيم تلك الادلجة التي تصير عاجزة أمام التحليل العلمي الماركسي الرصين، و بتصميم من الماركسيين، و من الحركات الماركسية، و بالمنهج الماركسي الذي يصير بذلك مالكا للقدرة الفائقة.
    و لكي يكون المنهج الماركسي كذلك، فما العمل من اجل تحديد المنهج الماركسي، و جعله قادرا على تجاوز كل السلبيات التي طالته ؟
    إن تفعيل المنهج الماركسي بالقدر الذي يجعله كذلك يقتضي من الماركسيين الحقيقيين المقتنعين بالمنهج الماركسي : الاشتراكية العلمية (المادية الجدلية و المادية التاريخية) العمل على :
    1) بناء الحركة الماركسية بناء علميا دقيقا يقتضي استحضار أسس قيام حركة ماركسية رائدة على المستويات الإيديولوجية و السياسية و التنظيمية –حتى يكون البناء متكاملا- و انطلاقا من القوانين التي ناضل الماركسيون من اجل فرضها على المستوى المحلي، و على المستوى الدولي.
    2) الحرص على تمثل الماركسيين للقوانين، و المقولات العلمية للاشتراكية العلمية حتى يمتلكوا القدرة على التعامل العلمي مع الواقع الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و السياسي تعاملا علميا يتبين من خلاله ما يجب عمله من اجل الفعل فيه، و العمل على تغييره.
    3) الحرص على ديمقراطية التنظيم الماركسي حتى نتجنب المقولات الجاهزة التي يمكن أن تقف وراء جمود التنظيم و عجزه عن مسايرة مختلف التحولات التي يعرفها الواقع. لأن الديمقراطية الداخلية هي الوسيلة التي تمكن التنظيم الماركسي من النمو و الانتشار و التغلغل في صفوف الكادحين و طليعتهم الطبقة العاملة.
    4) الحرص على امتلاك الخبرة بالواقع و على جميع المستويات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية و العمل على وضع برنامج اقتصادي و اجتماعي و ثقافي و مدني و سياسي يكون مرشدا للعمل على تغيير الواقع تغييرا مرحليا و استرتيجيا عن طريق تفعيل مختلف المنظمات الجماهيرية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية العاملة على تحسين الأوضاع المادية و المعنوية للجماهير الشعبية الكادحة.
    5) استحضار الخصوصيات المحلية الدينية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و السياسية في التعامل المنهجي مع واقع معين حتى تكون النتائج متناسبة مع إمكانية العمل على تغيير ذلك الواقع، و حتى لا تكون الماركسية دخيلة عليه، و غريبة عنه.
    6) الحرص على بناء جبهة وطنية للنضال من اجل الديمقراطية لجمع كل التقدميين و الديمقراطيين، أحزابا و منظمات جماهيرية و أشخاصا حول برنامج حد أدنى يكون مرشدا للعمل الجماعي لفرض الممارسة الديمقراطية على الأنظمة الاستبدادية، حتى يتم إنضاج الشروط الموضوعية التي تناسب شيوع و نمو الحركة الماركسية، و الفكر العلمي الماركسي الذي يسود لأجل ذلك.
    7) الرجوع في اتخاذ القرارات إلى الأجهزة التقريرية تجنبا لكل ما يمكن أن يؤدي الى فرض الممارسة البيروقراطية في التنظيم سواء تعلق الأمر بالحركة الماركسية، أو تعلق بالجبهة الوطنية للنضال من اجل الديمقراطية.
    و بذلك يتم بناء الخطوات التي تمكن الماركسية و الماركسيين و الحركة الماركسية و المنهج الماركسي على أسس صحيحة تضمن الاستمرار و القوة، و التطور و الفعل في الواقع في نفس الوقت، مما يجعلها تتجاوز كل التحديات التي تحاول عرقلة سيرها، و تعاطيها مع الواقع من اجل إنسان حر و عادل و ديمقراطي و إنساني.
    و بهذه الإضاءات حول " عمومية المنهج و خصوصية التطبيق الماركسي" نصل إلى أن إطلاقية المنهج لا تلغي نسبية و تاريخية الدين، كما لا تلغي نسبية و تاريخية الماركسية، و أن عمومية المنهج تقتضي الوقوف على مفهوم العمومية، و مفهوم الخصوصية، و مفهوم المنهج، و هل المنهج الماركسي تاريخي ؟ و هل هو منهج متجدد ؟ و ما طبيعته كمنهج عمومي ؟ و ما طبيعته كمنهج خصوصي ؟ و ما هي عوامل عمومية المنهج الماركسي ؟ و ما هي عوامل خصوصيته ؟ و ما هي العلاقة بين العمومية و الخصوصية في تطبيق المنهج الماركسي ؟ و هل يمكن قيام منهج ماركسي مغربي أو جزائري، أو سعودي أو إيراني ؟ و لماذا تكون إمكانية اختلاف المنهج الماركسي من بلد إلى آخر واردة ؟ و لماذا تكون إمكانية وحدة المنهج مع اختلاف الخصوصية ؟ و كيف يتعامل المنهج الماركسي مع الديانات القائمة في بلد معين ؟ و كيف يتعامل مع الثقافات المتنوعة و المختلفة في بلد معين ؟ و كيف يتعامل مع الأحزاب السياسية القائمة في بلد معين ؟ و هل يعجز المنهج الماركسي أمام شيوع اعتماد منهج ديني معين ؟ و هل يقوم بمقاومة ذلك المنهج ؟ و هل ينفيه ؟ و هل يمتنع المنهج الماركسي عن التعامل مع المنهج الديني ؟ و هل من الخصوصية التخلي عن المنهج الماركسي ؟ و هل من علمية المنهج الماركسي القبول بالواقع كما هو ؟ و لماذا نجد أن بعض الماركسيين يتخلون عن المنهج الماركسي و يعتنقون المنهج الديني ؟ و هل يعني ذلك أن المنهج الماركسي اصبح متجاوزا ؟ هل يعني أن المنهج الديني صار قولا صالحا لكل زمان و مكان ؟ أليس قصور المنهج الماركسي تعبيرا عن قصور الماركسيين عن مواكبة نتائج التطور العلمي و التقني ؟ أليس تعبيرا عن عجز الماركسية عن الاستفادة من كل ذلك ؟ و ما العمل من اجل تحديث المنهج الماركسي، و جعله قادرا على تجاوز كل السلبيات، التي طالته ؟ نكون قد حاولنا أن نوضح الخطوات التي تجعل الماركسية و المنهج الماركسي قادرة قولا و فعلا على الصمود أمام مختلف الأعاصير.
الوسوم:
يتم التشغيل بواسطة Blogger.

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *