جاري تحميل ... مدونة عطا ابو رزق

إعلان الرئيسية

أخر الموضوعات

إعلان في أعلي التدوينة

مقالات

تطور القانون في الحضارة العربية الإسلامية والحضارة الغربية

الكاتب : عطا أبورزق
قرأت في كتاب " فجر العلم الحديث - الإسلام، الصين، الغرب، للكاتب  " توبي أ. هف " وترجمة " د. محمد عصفور " رأياً عن نظرة العرب المسلمين والأوربيين للقانون، وفي المنطلقات القانونية لكل طرف من الأطراف يقول فيه :

" على الرغم من وجود أوجه شبه في تنظيم الدولة والمجتمع في الحضارة الإسلامية والغرب الأوروبي، فقد كانت هناك اختلافات جوهرية في القانون والعادات والتقاليد. ولم يكن ثمة شك في العالم الإسلامي في أن قانون البلاد هو الشريعة الإسلامية. ولم يكن ثمة من مصادر أخرى للقانون تنافس الشريعة. وليس هناك ما يدل على أن الفقهاء المسلمين رغبوا في استعارة المباديء والمفاهيم والإجراءات القانونية التي تضمنتها مدونة جستنيان، على رغم أن القانون الروماني لا يمكن أن يكون مجهولاً للمسلمين والاتراك الذين كانت لهم معاملات تجارية مع الإيطاليين والبيزنطيين. ولم يخطر على بالهم، على عكس الأوروبيين القروسطيين أن القانون الروماني كما دون في الكتب القانونية القديمة يمكن أن يكون مصدراً للمبادئ والأفكار القانونية، لأن القرآن والسنة كانا هما السجلُ الكامل للأوامر الربانية. ومع أن العادات المحلية في الشرق الأوسط مُنحت اعترافاً ضمنياً من قبل السُنة فإن القضاة والفقهاء اعتبروا أن الشريعة الإسلامية هي الشريعة النافذة في البلاد. وكان من المسلم به – فوق كل ذلك – أن الحاكم الدنيوي في الدولة – سواء أكان خليفة أم أمير – هو أمير المؤمنين ومطبق النظام الشرعي الإسلامي. ولم يكن ثمة تفريق من حيث المفاهيم بين ما هو ديني وما هو دنيوي. وقد تشكل قانون البلاد من الأوامر التي توجب على المؤمن أتباعها إن كان له أن يفوز في يوم الحساب.
أما في حضارة الغرب فكان الوضع مختلفاً اختلافاً بيناً. وكثيراً ما أكد الملوك وحُماتهم بحكم العادة والسابقة القانونية حقهم في أن يكونوا هم مصدر التشريع، وأن يكونوا حماة الكيان الروحي للمسيح أو جماعة المؤمنين المسيحيين. ولكن صار للكنيسة منذ تحول الرومان للمسيحية ترتيبها الهرمي من المسؤولين والموظفين الذين أدعوا السيطرة المطلقة في الأمور الدينية، ووسعوا هذه السيطرة بطرق مختلفة لتشمل أموراً دنيوية أيضاً. وكان الصراع بين الدين والدنيا، بين مطالب المسيح ومطالب القيصر، أمراً معترفاً به يخضع للجدل والحروب المتكررة. وكان الملك، عشية النهضة القانونية التي حدثت في القرنين الثاني عشر والثالث عشر، " هو منبع العدل ويفترض فيه تفسير القانون في حال غموضه؛ وكانت المحاكم لاتزال هي محاكم الملك، وكان الملك يعتبر قاضياً كامل السلطة في مملكته، بينما يحكم القضاة الأخرون، الذي يستمدون سلطتهم منه، بالنيابة عنه " كما بين ارنست كا نتورفتش، المؤرخ القانوني الكبير. وكان الخبراء القانونيون منذ القانون الروماني على علم تام بالعبارة الدارجة : " رضا الملك له قوة القانون ". ولكن الأستاذ بيرمن يقول أن مدونة جستيان تضم عبارة تتصل بموضوعنا أيضاً، وإن لم تكن بمثل شهرة العبارة السابقة، وتدل أيضاً على أن الحكام يجب أن يطيعوا القانون هم أيضاً: " إنه  لمًما يليق بمقام الملك الحاكم " -  فيما تقول المدونة – " أن يعترف بأنه خاضع للقانون لأن سلطته تعتمد على سلطة القانون* .


* أ .هف – توبي، فجر العلم الحديث – الإسلام – الصين – الغرب، ترجمة: د. محمد عصفور، سلسلة عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والأداب. الكويت ، الطبعة الثانية، جمادي الأول 1421هـ - أغسطس / آب 2000. ص 139 - 140

الوسوم:
يتم التشغيل بواسطة Blogger.

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *