جاري تحميل ... مدونة عطا ابو رزق

إعلان الرئيسية

أخر الموضوعات

إعلان في أعلي التدوينة

أبحاث

المساعدات الإنسانية : تفكيك مقاومة الاستعمار نحو إحياء البدائل التضامنية

هذه الدراسة قمت بعمل عرض لها بتكليف من مركز بير زيت لدراسات التنمية في إطار حلقة نقاش مجتمعي ضم عدد
من المثقفين والمهتمين والنشطاء الاجتماعيين والسياسيين، ومسئولي مؤسسات وجميعيات أهلية حقوقية واجتماعية تنموية، وذلك في مقر حزب الشعب الفلسطيني في محافظة خان يونس بتاريخ 5 / 10 / 2013م .
هذه الدراسة ضمن مجموعة من الدراسات التي تتعلق بدراسة المساعدات الإنسانية التي قدمت للفلسطينين خلال الإنتفاضة الثانية، الدراسة هي للباحثة "ليندا طبر " وهي بعنوان :
المساعدات الإنسانية : تفكيك مقاومة الاستعمار
نحو إحياء البدائل التضامنية

الباحثة : ليندا طبر
ملخص الدراسة 
مع بداية الانتفاضة الثانية وتحديداً عند شروع الاحتلال في بناء جدار الفصل العنصري في العام 2002م تدفقت المساعدات الإنسانية بشكل مهول على الأراضي الفلسطينية، حيث احتلت فلسطين المرتبة الأولى على مستوى العالم في العام 2008 من كم المساعدات الإنسانية، وشكل الغذاء نصيب الأسد فيها.

جراء هذا التدفق الهائل للمساعدات تصاعدت أصوات مجموعة من الفلسطينين تطالب بإعادة النظر في نمط التنمية المهيمن عليه والسياق النيوليبرالي الذي يترافق مع تسيس المساعدات الإنسانية بهدف ضمان بقاء اتفاقية أوسلو على قيد الحياة، واسقط من حساباته الأحتلال وممارساته الاستيطانية. وطالبت هذه الأوساط بإعتماد نسق تنمية بديل قادر على تحقيق الأعتماد على الذات، ومقارعة الاحتلال وتحقيق العدالة ضمن مفهومها الأوسع.
 وقد جاءت هذه الدراسة، كإسهام منها في تحقيق الرؤية المطالبة بإعتماد نسق التنمية البديل. إضافة إلى ذلك فقد هدفت لسبر أغوار العلاقة مابين حركات مناهضة الاستعمار ومؤسسات المساعدات الانسانية، وكذلك تحديد الظروف التي تتمكن فيها حركات مناهضة الاستعمار من اجتياز العوائق القائمة في وجهها والناتجة عن تدخل مؤسسات المساعدات الانسانية وخلق طبقة حكومية مسيطرة تتحكم بعمل الاجسام والمؤسسات المختلفة. وقد ركزت الدراسة على خصوصية المساعدات الإنسانية، إذ أنها سعت للوقوف أمام أنماط المساعدات الإنسانية الهادفة للحد من معاناة الضحايا من شعوب دول العالم الثالث الخاضعة للإستعمار وانقاذهم. وتنطلق هذه الدراسة من فرضية أن المساعدات الإنسانية بنيت بالأساس على الفرضية البطريركية (أي التعامل الفوقي) القاضية بأن العالم الثالث هو موضوع للشفقة والإنقاذ، على عكس ما يفترضه منطق العدالة بأن شعوب العالم الثالث شعوب لها كرامتها ويخوضون معركتهم من أجل الحرية والخلاص من الاستعمار.
قسمت الباحثة دراستها إلى أربعة محاور رئيسية وكل محور إلى عناوين فرعيه:
1.      ارتفاع حجم المساعدات الإنسانية: الإنسان الغربي والأخر عديم الفائدة.
ترى الباحثه في هذا المحور أنه من الضرور تتبع منحنى الارتفاع في المساعدات الانسانية بوصفها فلسفة وسلسلة من العمليات وشكل من أشكال السلطة التي تلعب دوراً في إبراز العديد من الحركات المناهضة للإستعمار. كما يرى أن نظام المساعدات الذي يتأرجح بين مفوهوم الإنسانية والنظرة الأبوية قد أوجد فلسفتين أو وجهتي نظر سياسيتين متناقضتين تشكلان الاساس لنمط المساعدات الإنسانية.
الأولى: هي أن المؤسسات التي تقدم المساعدة الإنسانية تقر بمعاناة الأخرين، ولكن التعامل مع هذا المعاناة لا يحمل بعداً سياسيا، بل يقتصر على العمل الخيري ذو البعد الأخلاقي البعيد عن معالجة المسببات الحقيقية للمعاناة والمتمثلة بالاستعمار وممارساته.
الثانية: هي النظرة الفوقية أو الأبوية، أن الغربي هو الفاعل والمؤثر والسامي، وغير الغربي هو الوضيع المتلقي للمساعدة، وهنا تتجل الإزدواجية في النظرة إلى إنسان العالم الثالث بوصفه ضحية بحاجة للمساعدة بدل النظر إليه بصفته إنساناً فاعلاً يتمتع بمجموعة من الحقوق الواجب احترامها وخاصة حقه في النضال من أجل التحرر.
وترى الباحثة بأن نظام المساعدات الإنسانية العالمي تعود جذوره إلى أواخر القرن السابع عشر وبداية القرن الذي تلاه. حيث كانت بدايات اطلاق هذه العمليات من خلال محاولة بعض المسيحين توفير رعاية محايدة لجرحى الحروب، وتطورت لترتبط بالعمل الخيري ورعاية الأيتام، وفي القرن ال 19 انتشرت من خلال تقديم جماعات التبشيرين المسيحين للمساعدات الإنسانية في البلدان المستعمرة.
2.      المساعدات الإنسانية في سياق الاستيطان الاستعماري:
الانتفاضة الثانية وتسارع سياسة التهجير.
مع بدء الانتفاضة الثانية سعت إسرائيل لتطبيق سياستها التي تخدم أهدافها الاستراتيجية والقاضية بتفريغ الأرض الفلسطينية من سكانها، وبالتالي فرضت الحصار والإغلاقات على الفلسطينين وحدت من حركتهم تجاه أراضيهم الزراعية، وجاء مشروع جدار الفصل العنصري ليزيد من معاناه السكان إذ عمل على محاصرة 270 الف فلسطيني وزجهم في 27 معزلاً متباعداً وحرمهم من الوصول إلى الاسواق.
هذه الممارسات العدوانية أدت إلى تدمير الاقتصاد الفلسطيني إذ ارتفعت تكاليف الانتاج وتعقدت المعاملات التجارية ومنع الفلسطينين من الوصول إلى الاسواق الداخلية والخارجية أو الوصول إلى الأراضي الزراعية. الأمر الذي أدى إلى افقار الفلسطينين ووصول أكثر من 50% من الفلسطينين تحت خط الفقر في العام 2004.
المعطيات السابقة توفر فكرة واضحة لا تدع مجالاً للشك حجم الدمار الذي تعرضت له عملية انتاج الغذاء في فلسطين.
قبل اندلاع الانتفاضة الثانية كانت نسبة ما ينتجه الفلسطينيون محلياً من المواد الغذائية 70%، وكان ما يتم استراده هو فقط اللحوم والالبان.
في الوقت الحالي يستورد الفلسطينيون ما نسبته 96% من احتياجاتهم من الخارج وذلك حسب معطيات منظمة الأمم المتحدة للزراعة والغذاء.
هناك معطيات أخرى تقرع ناقوس الخطر، في العام 1997م بلغ عدد الفلسطينين الذين تلقوا مساعدات إنسانية 200 الف شخص (8,5% من السكان).
في العام 2001 أي بعد بدء اسرائيل بإجراءتها العدوانية مباشرة قفز عدد الفلسطينين المتلقين للمساعدات ليصل إلى 1,7مليون فرد ( مانسبته 51%من الفلسطينين).
مع طول فترة الانتفاضة وحسب ما أشارت تقديرات برنامج الغذاء العالمي فإن 50% من الفلسطينين كانوا عاجزين عن توفير احتياجاتهم الغذائية في العام 2010م، ومن بينهم 33% يعيشون حالة من انعدام الأمن الغذائي، و17% منهم عرضة لفقدان الأمن الغذائي.
·       الرد الدولي : مساعدات غذائية وعدم تسيس واقع الاستعمار.
نتيجة هذه الأوضاع المأساوية التي نتجت عن ممارسات الاحتلال، وغداة اجتياح اسرائيل للضفة الغربية وإعادة احتلالها، تدافعت مؤسسات المساعدات الإنسانية لتقديم المساعدات الإنسانية، خشية من تدهور الأوضاع الإنسانية في الأراضي المحتلة ووصولها إلى حافة الهاوية، وتعاملت هذه المؤسسات مع معاناة الفلسطينين على أنها نقص في المواد الغذائية، ولم تتعامل مع مسببات هذه المعاناة وهو الاحتلال.
وعليه فقد قام برنامج الغذاء العالمي في العام 2010م بتوفير الغذاء لما يقرب من 1,7 مليون شخص فلسطيني في الضفة وغزة إضافة إلى 600 الف لأجيء الذين يتلقون المساعدات عن طريق الأنروا.
·       مؤسسات المساعدات الإنسانية كأدوات لإدارة شؤون الخاضعين للأستعمار.
تدفق المساعدات الإنسانية الضخم على الضفة الغربية وغزة في العام 2002م خلق بنية جديدة، وأصبح برنامج الغذاء الإنساني بمثابة شكل من أشكال الإدارة ذات السيادة الكاملة، وأن مؤسسات المساعدات الإنسانية باتت تمتلك سلطة موازية للسلطة الفلسطينية. وحسب أوفير فإن هذا الشكل من الحاكمية الذي تمثله مؤسسات المساعدات الإنسانية يلعب دوراً في جعل الافراد مرئيين يمكن وصف أوضاعهم، ويمكن تحليل ظروفهم وبالتالي التنبؤ بتوجهاتهم المستقبلية والتعاطي معها بشكل وقائي.
في إطار ما سبق يطرح الكاتب ملاحظتين :
1.       أن هذا النظام يدفع إلى أن خطر الاستعمار يطال الحياة نفسها، ويتمثل هذا الخطر في تحويل القضية السياسية إلى مسألة تقنية تتعثر بالبيروقراطية السائدة، مما يحولها إلى مسألة محايدة تتعلق بكمية الغذاء المتاح للفلسطينين وإدارة شؤون المطبخ.
2.       إن سلطة المساعدات الإنسانية تشكل قوة تأديبية تسعى لاحتواء الآثار التدميرية الناجمة عن الاستيطان الاستعماري.
3.      إنقاذ الإنسان شل المقاومة المناهضة للاستعمار وتغييب الموضوعية.
تدعي دائماً مؤسسات تقديم الخدمة الإنسانية بأن أهدافها من وراء تقديم هذه المساعدات هي اهداف نبيلة، وأن تدخلهم هو تدخل حيادي، ومنطلق عملهم هو منطلق أخلاقي محض للحد من المعاناة خارج حدود السياسية، ويدعون أن المساعدات الغذائية التي يقدمونها هي لتعزيز الصمود كونها توفر الاحتياجات الأساسية للمستهدفين.
إلا أن سلطة مؤسسات المساعدات الإنسانية باتت تشكل واحدة من بنى الحكم في المجتمع الفلسطيني، إلى جانب المساعدات النقدية التي تقدمها السلطة الفلسطينية، تحول الأفراد إلى عاجزين ومتلقين فقط للمساعدات. وتنصب هذه المؤسسات من نفسها وصية على هؤلاء الأفراد وتتصرف نيابة عنهم، فالمؤهل لتلقي المساعدة من وجهة نظرها هو فقط الضحية والضعيف والذي لا حول له ولا قوة، وبالتالي فهي تدفع بهؤلاء للتكيف مع ظروفهم والاستسلام للقهر، وعليه تكون هذه المؤسسات قد حدت من تشكيل المنظمات والمؤسسات المناهضة للاستعمار، وأخلت لها المجال للعمل بكل حرية وفعالية.
يعود السبب في عدم عمل مؤسسات المساعدات الإنسانية على فتح المجال أمام شعوب العالم الثالث للتعبير عن حقوقها ونضالها، لكون هذه المؤسسات تستهدف في انشطتها الضحايا فقط، وفي هذه الحالة على إنسان العالم الثالث أن يتحول إلى صامت وسلبي ومتلق للإعانات فقط. وإن لم يفعل ذلك فإنه يفقد حقه في تلقي المساعدات، وهذا النمط في حد ذاته يشكل حالة من استعمار الشعوب المضطهدة ومؤسساتهم الوطنية المقاومة للأستعمار. وهذا ما حصل مع الفلسطينين في أكثر من مناسبة منها على سبيل المثال انتخابات 2006 وما أسفرت عنه من نتائج.
لا يرى الكثير من الفلسطينين أي أثر إيجابي لما تقدمه مؤسسات المساعدات الانسانية من مساعدات غذائية، حيث أنها لا توفر أي شكل من أشكال الاستمرارية في الصمود وتحقيق الأهداف الوطنية عدا عن ما تتركة هذه المساعدات من أثار سلبية مدمرة، كونها تؤثر سلباً على القيم والكرامة والاهداف الوطنية .
ويسرد هنا العديد من الأراء للعاملين في مؤسسة اتحاد لجان العمل الزراعي في الضفة الغربية.
يؤكد الباحث مرة أخرى على أن العديد من مؤسسات المساعدات الإنسانية تلعب دور وكيل للإحتلال خصوصاً في المناطق المصنفة (ج) والخاضعة بالكامل لسلطة الاحتلال، ويدرج مثال منطقة الأغوار، حيث يقول الباحث أن هذه المنطقة من أكثر المناطق الفلسطينية التي تعرضت لعمليات التطهير العرقي، إذ كان يقطنها في العام 1967م ما بين 200- 320 الف فلسطيني، ومنذ ذلك الحين أخذ العدد بالتراجع نتيجة ممارسات الاحتلال ومستوطنيه إلى أن وصل إلي مستويات مقلقة حالياً حيث بالكاد يصل عددهم الأن إلى 56 الفاً.
ويسيطر ما يقرب من 6000 مستوطن على 98% من مصادر المياه المتاحة، والكهرباء حكر على المستوطنين، ويحرم الفلسطينين من اصلاح منازلهم أو بناء منازل جديدة، ومن الحصول على حقهم في المياه رغم سماعهم لصوت خريرها وهي تمر بالقرب منهم، وتكتفي مؤسسات المساعدات الإنسانية بتقديم صهاريج المياه للسكان عوضاً عن الدفاع عن حقهم في الانتفاع بمياههم واستصلاح اراضيهم الزراعية التي تعمل على تثبيتهم وتعزز من صمودهم، وتعالج أسباب معاناتهم.
وتضيف الباحثة رأياً لأحد الناشطين الاجتماعيين في غور الأردن إذ يقول: بان المؤسسات الدولية تلتزم في عملها بالتعليمات والإجراءات الإسرائيلية فهي تذعن للمشروع الاستعماري الإسرائيلي ومتطلباته ولا تعمل في هذه المنطقة (غور الأردن) ولا تسعى لدعمنا أو مواجهة الممارسات الإسرائيلية، فالكثير من هذه المؤسسات تعمل من أجل إعفاء إسرائيل من مسئولياتها اتجاهنا ولا تبادر إلى أي عمل من شأنه التخفيف من ممارسات الاحتلال.
4.      نحو البدائل: ماوراء المساعدات الغذائية الإنسانية
في هذه المحور تستعرض الباحثه  عدداً من محاولات خلق البدائل لسلطة المساعدات الإنسانية  التي تنتهك كرامة الإنسان وتحيله إلى إنسان عاجز اتكالي لا يستطيع فعل شي ومستسلم وخانع لإرادتها، وذلك من خلال محاولات المؤسسات الفلسطينية المحلية  لتحدي منهجية عمل المؤسسات الدولية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ومواجهة ممارسات الاستعمار الإسرائيلي، ومحاولة الفلسطينين تطبيق رؤيتهم الخاصة لتحويل مفهوم الأمن الغذائي إلى مفهوم السيادة الغذائية، وذلك من خلال التركيز على الأحزاب والتنظيمات الفلسطينية المقاومة للإحتلال والعديد من المؤسسات المحلية الفلسطينية الداعية للاعبين الدوليين احترام حقوق الفلسطينين وأهداف حركتهم الوطنية المناهضة للاستعمار والساعية لتحقيق الحرية.
·       المنهجية القائمة على الحقوق: إعادة تسليط الضوء على القوة والحقوق
كان لطرح المنظمات الغير حكومية لوثيقة تطالب فيها بتبني العمل بمنهجية تقديم المساعدات على أساس الحقوق والتي يشكل أساسها القانون الدولي الإنساني، وقانون اللاجئين، وقانون حقوق الإنسان، الدافع الأساسي وراء إعادة النظر في منهجية عمل موسسات المساعدات الإنسانية  الأخرى، التي تنتهك كرامة الإنسان ولا تتعامل معه على أساس أن له حق يفترض أن يتعامل على أساسه.
ويشير الباحث إلى أن آن نيكسون قد عملت للضغط على الأنروا لتبني منهجية الإدارة بالحقوق، كون هذه المنهجية قادرة على تعرية العلاقات السياسية غير المتكافئة، كما أن إطار الحقوق قادر على الضغط على المؤسسات الدولية لتحميل مسئولياتها اتجاه انتهاك حقوق الإنسان التي اقرها القانون الدولي الإنساني، وكذلك تقديم المساعده للضحايا، وعلى المدى البعيد العمل على خلق بيئة تحترم حقوق الإنسان وتدافع عنها.
ويستشهد الباحث بما كتبته انجرد جرادات بأن هناك العديد من الموسسات التي تبنت المنهجية المذكورة وركزت في عملها على القضايا المجتمعية الداخلية كالعنف داخل المنزل، إلا أنها وبوعي كامل تجنبت التطرق للعنف الممنهج والمتواصل الذي تمارسه اسرائيل ضد الفلسطينين. ويضيف الباحث بأن هناك بعض الإشكاليات التي تعانيها عملية تطبيق منهجية الحقوق، وتذكر الباحثة على سبيل المثال ما تقوم به الأنروا ومكتب تنسيق المساعدات التابع للأمم المتحدة في حماية المزارعين الذين ابتلع جدار الفصل العنصري أراضيهم وذلك بمتابعتها دخول وخروج الفلسطينين من بوابات الجدار العازل في الساعات المحددة لذلك، دون أن تباشر هذه المؤسسات بالضغط لتطبيق الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الذي أشار إلى عدم قانونيته الجدار في العام 2004م وتعمل على تفكيكه .
وتذكر الباحثة بأن هناك بعض المؤسسات التي تنحى بمنهجية الحقوق منحى مختلف كل الاختلاف ومنها مؤسسة (STC UK ) التي تعمل على حماية التجمعات المهددة بالتهجير من الأراضي المصنفة (ج)، من خلال مشاريع البنية التحتية لتعزيز وجودهم على هذه الأرض ومنع اسرائيل من تهجيرهم.
·       المبادرات المحلية الرامية إلى دفع نظام المساعدات الإنسانية لتبني حقوق الفلسطينين.
يشير الباحث بانه في العام 2010م فامت مجموعات من حقوق الإنسان بتوجيه نقد لاذع لنظام عمل المؤسسات الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة في وثيقة قدمت لمنسق المساعدات الإنسانية " ماكسويل جايلارد، وغيره من القائمين على رئاسة وكالات الأمم المتحدة، وتعتبر هذه المبادرة الأولى من نوعها لمخاطبة مؤسسات المساعدات الإنسانية والضغط عليها وتوجيه عملها في الأراضي الفلسطيني المحتلة، وقد طالبت الوثيقة المذكورة مؤسسات المساعدات الإنسانية أن تتجاوز في عملها حدود معالجة أعراض المشكلة، بل أن تتناول جذورها المتمثلة في الممارسات الإسرائيلية الاستعمارية العنصرية.
ومن جانب أخر فقد انتقدت الوثيقة المذكورة الظروف التي قادت إلى بروز هذه الحالة، حيث أن التركيبة الهرمية لنظام العمل الإنساني في الأراضي الفلسطينية المحتلة هو السبب الحقيقي الذي يمنع المبادرات التي يطرحها الداعون إلى توفير الحماية للفلسطينين والساعون باتجاه خلق حالة من المحاسبة للمنتهكين لحقوق الإنسان والقانون الدولي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وتشير الباحثة إلى فشل نظام العمل الإنساني الذي تتبناه الأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية في حماية حقوق الفلسطينين ومحاسبة اسرائيل على انتهاكاتها وجرائم الحرب التي اقترفتها. وتدلل على ذلك بما تضمنته الوثيقة المذكورة أعلاه " بأن الفريق المتحكم بعمل المؤسسات الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة وقف في وجه محاولات الفلسطينين لمحاسبة اسرائيل على الدمار المقدر بمليارات الدولارات التي الحقته ألتها العسكرية بالممتلكات والبنية التحتية الفلسطينية.
وتضيف الباحثة بأن الفلسطينين يدركون جيداً بانهم بحاجة إلى إرادة سياسية دولية للضغط على إسرائيل لوقف ممارساتها القمعية، لكن هذه الإرادة السياسية تحكمها نظرة فوقية، فعلى سبيل المثال قيام وزارة الخارجية الفرنسية باستدعاء السفير الاسرائيلي والاحتجاج على غارة اسرائيلية في الحرب 2011 على غزة اصابت أحد أفراد القنصل الفرنسي وسببت اجهاض زوجته. فلو لم تكن هذه الغارة قد اصابت أحد الفرنسيين لما تم الاحتجاج الفرنسي على اسرائيل.
·       المقاومة الناشئة: نضال القاعدة الجماهيرية وسيطرة مفهوم السيادة الغذائية
رداً على سلوك مؤسسات المساعدات الدولية تجاه تجاهلها للحقوق الوطنية للفلسطينين طور الفلسطينين شكل جديد من المقاومة يحاكي نموذج الانتفاضة الأولى لحماية المزارعين وأراضيهم الزراعية في الأغوار ومقاومة جدار الفصل العنصري، واستطاعت أن تجلب العديد من المتضامنين الأجانب إلى جانبها، وقد طورت مفهومها الخاص للسيادة الغذائية كرد فعل على المفهوم الضيق لمؤسسات المساعدات الإنسانية لمفهومالأمن الغذائي، ومحاولتها لخلق رؤية وطنية تقدمية تعمل على الربط ما بين الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية للأفراد لتعزيز الصمود وتفعيل النضال الوطني.
وتضيف الباحثة أن هذا الشكل الجديد والبديل لسلوك وفلسفة عمل موسسات المساعدات الإنسانية الدولية كما رأته الباحثة وعززته بمجموعة مقابلات مع نشطاء اجتماعيين ومسئولي مؤسسات محلية كمؤسسة اتحاد لجان العمل الزراعي، يعمل على إعادة ثقة الناس بذاتهم وبقدرتهم على التغير في ظروفهم المعيشية. وتشير بان بعض المؤسسات المحلية لا تقدم المساعدات للمزارعين، لكنها تدعم مشاريع يساهم فيها المزارعون مساهمة عينية. إضافة لذلك فقد قامت هذه المؤسسات المحلية باستصلاح 2500 دونم في الخليل في الفترة مابين 2008- 2010م، الأمر الذي استفز المستوطنين وجعلهم يشنون حملة شرسة ضد المزارعين والمؤسسة. وتضيف بان هناك العديد من المشاريع التي تم تقديمها للمزارعين التي تضمن ثباتهم في أرضهم وصمودهم في وجه محاولات الاحتلال ومستوطنيه في طردهم منها والاستيلاء عليها. وتنتقد الباحثة سياسة السلطة في عدم دعمها للمزارعين وللقطاع الزراعي حيث تقول بان نصيب قطاع الزراعة لم يتعد 3,1% من موازنة السلطة ضمن خطة الاصلاح والتنمية 2008 – 2010، في الوقت الذي ذهب مايزيد عن 60% من الموازنة المذكورة لقطاع الأمن.
·       تحديات التضامن
في نهاية دراستها تشيد الباحثة بقدرة الفلسطينين على تطوير مقاومتهم للاحتلال، ولنمط المساعدات التي تقدمها مؤسسات المساعدات الإنسانية الدولية، ومحاولات الفلسطينين خلق البدائل لذلك والتي ذكرنا منها بعض الأمثلة سابقاً، إضافة إلى تفعيل مبدأ التضامن الدولي من خلال حملة المقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل واتساع نطاق حملة المقاطعة لتشمل بضائع المستوطنات وسحب الأستثمارات وفرض العقوبات على اسرائيل.
وتضيف الباحثة بأن التضامن يتطلب توفر ثلاث شروط أساسية:
1.       تحدي التوجه القائم على فكرة أن هناك من يتصرف نيابة عن غيره.
2.       تفكيك العلاقة الاستعمارية الفوقية والممارسات العنصرية.
3.       إنشاء علاقة مع المضطهدين تقوم على مبدأ المشاركة في المبادئ السياسية والتوجه للإنخراط في النضال ضد الاستعمار لتحقيق العدالة ومواجهة أية مخاطر تترتب على ذلك.
الخلاصة:
استعرضت هذه الدراسة نظام المساعدات الإنسانية التي تدفقت على الأراضي الفلسطينية المحتلة بعد اندلاع الانتفاضة الثانية، مع التركيز على برنامج الغذاء العالمي، وركزت أيضاً على تحليل العلاقة مابين الاستيطان الاستعماري وسلطة المساعدات الإنسانية، وتفكيك المؤسسات الوطنية للمضطهدين. وناقشت فلسفة المساعدات الإنسانية وجذورها السياسية، والأزدواجية التي تميز عمل المؤسسات الإنسانية. كما تناولت الدراسة آثار سلطة المساعدات الإنسانية على المضطهدين، حيث اشارت الدراسة إلى أن المساعدات الغذائية تؤدي إلى تفكيك المؤسسات الوطنية المقاومة للاحتلال، وتجبر المضطهدين على الظهور بمظهر الضحايا من أجل أن يصبحوا مؤهلين للحصول على المساعدات الإنسانية.
إضافة إلى ذلك فقد تناولت الدراسة رسم خارطة لعدد من البدائل الممكنة لنظام المساعدات الإنسانية، منها قيام بعض المؤسسات بتبني منهج حق المضطهدين في المساعدات بناء على القواعد الدولية لحقوق الإنسان، وتفعيل وسائل المقاومة الشعبية المستندة على القدرات الذاتية وتوسيع دائرة التضامن الدولي، وتفعيل المقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل.
الوسوم:
يتم التشغيل بواسطة Blogger.

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *